ابن علي بن أبي طالب عليهمالسلام ، أبو عبد الله ، المعروف بصاحب فخ ، وأمه زينب بنت عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، قتل المنصور العباسي أباها وأخاها وزوجها وعمومتها وبنيهم أيام النفس الزكية.
كان الحسين من أشراف الطالبيين الشجعان الكرماء ، يضرب المثل بجوده وكرمه وطيبة نفسه ، بيد أن الفترة التي عاشها ابّان حكم الهادي المتعطش لدماء العلويين تعدّ من أقسى الفترات الرهيبة في تاريخ الطالبيين ، فقد مضى الهادي إلى آخر الشوط في استأصال زينة شبابهم ، وأسرف في ممارسة القمع والارهاب معهم ، مما اضطرهم إلى إعلان الثورة عليه حيثما توفرت الفرصة لذلك.
قال اليعقوبي : ظهر منه ـ أي الهادي العباسي ـ أمور قبيحة ، وضعف شديد ، فاضطربت البلاد ، وتحرك جماعة من الطالبيين ، وصاروا إلى ملوك النواحي فقبلوهم ووعدوهم بالنصر والمعونة ، وذلك أن موسى ألحّ في طلب الطالبيين وأخافهم خوفاً شديداً ، وقطع ما كان المهدي يجريه لهم من الأرزاق والاُعطيات ، وكتب إلى الآفاق في طلبهم وحملهم ، فلما اشتدّ خوفهم وكثر من يطلبهم ويحث عليهم ، عزم الشيعة وغيرهم إلى الحسين بن علي بن الحسن ، وكان له مذهب جميل وكمال ومجد ، فبايعه خلق كثير ممن حضر الموسم (١).
فقرر الحسين الثورة ، وكان خروجه بالمدينة في ذي القعدة سنة ( ١٦٩ ه ) ، وبايعه الناس على العمل بكتاب الله وسنة رسول الله صلىاللهعليهوآله وعلى أن يطاع الله ولا يعصى ، والدعوة إلى الرضا من آل محمد صلىاللهعليهوآله ، والعدل في الرعية ، والقسم بالسوية ، وجهاد العدو.
واستولى الحسين على المدينة فاستخلف عليها دينار الخزاعي ، وخرج قاصداً مكة ومعه زهاء ثلاثمائة من أهله ومواليه وأصحابه ، فلما صاروا بفخ
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٠٤.