وثمّة مظهر عبادي آخر نلمسه في حياة إمامنا الباقر عليهالسلام ، وهو الدعاء ، مخّ العبادة وسلاح الأنبياء ، إذ تتوطّد به دعائم الصلة بين العبد وخالقه ، لأنّ اللّه تعالى قد أذن للإنسان بالدعاء وتكفّل له بالإجابة.
سار الإمام الباقر على خطى أبيه السجّاد عليهماالسلام الذي عاش في مرحلة فرضت عليه أن يتّخذ من الدعاء والتضرّع والمناجاة منهجاً لتعليم العقائد ، وبلورة الفكر الإسلامي ، وإرساء المفاهيم الأخلاقية التربوية ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وذلك في مجموعة صحائف هي بمثابة زبور آل محمد عليهمالسلام.
من هنا دعا الإمام الباقر عليهالسلام إلى ربط الإنسان المسلم بربّه ، من خلال كشف ما يترتّب على الدعاء من ثمار طيّبة يجتنيها الإنسان في الدنيا والآخرة ، كدفع البلاء ونيل المحبّة والرضوان. قال أبو جعفر عليهالسلام : «ما من شيء أحبّ إلى اللّه عزّوجلّ من أن يسأل ، وما يدفع القضاء إلاّ الدعاء» (١).
وعنه عليهالسلام : «إنّ اللّه تعالى يحبّ من عباده المؤمنين كلّ دعّاء» (٢).
وقال عليهالسلام : «إنّ اللّه كره إلحاح الناس بعضهم على بعض في المسألة ، وأحبّ ذلك لنفسه ، إنّ اللّه جلّ ذكره يحبّ أن يُسأل ويُطلب ما عنده» (٣).
وقد أثرت عن الإمام الباقر عليهالسلام المزيد من الأدعية في مجال العبادة كالأذكار والقنوتات والتعقيبات التي تكشف عن تمسّكه عليهالسلام بطاعة اللّه وعظيم إنابته إليه ،
__________________
(١) حلية الأولياء ٣ : ١٨٧ ، تاريخ دمشق ٤٥ : ٢٩٣ ، أعلام الدين في صفات المؤمنين : ٣٠١ ، البداية والنهاية ٩ : ٣٤١.
(٢) الدعوات / قطب الدين الراوندي : ٣٤ / ٧٨.
(٣) تحف العقول : ٢٩٣.