استغرق موضوع الغيبة كثيراً من حديث الإمام الباقر عليهالسلام وجهوده ، ويبدو أن واحدة من دواعي ذلك هو اعتقاد بعض الناس بمهدويته هو عليهالسلام ، وما أرجف به الأمويون من ادعاء مهدوية عمر بن عبد العزيز ، وصنع الوضاعون روايات عن الباقر عليهالسلام وفاطمة بنت علي عليهالسلام تؤيد مهدوية عمر بن عبد العزيز ، ومنها الحديث المزعوم عن الباقر عليهالسلام : النبي منّا ، والمهدي من بني عبد شمس ، ولا نعلمه إلاّ عمر بن عبد العزيز ، ونحو ذلك (١). لأجل الطعن بهذه العقيدة وإضعافها في نفوس معتقديها.
وعلى ضوء ذلك عمل الإمام الباقر عليهالسلام في اتجاهين ، الأول : نفي مهدويته ومهدوية غيره من المدعين. الثاني : تشخيص هوية مهدي أهل البيت الذي بشّر به النبي صلىاللهعليهوآله والأئمة الميامين من قبل ، وبيان خصاله التي لا تنطبق إلاّ عليه.
كان ردّ الإمام الباقر عليهالسلام على من ادعى المهدوية له أو لغيره ، يبتني على جملة أمور ، هي :
أ ـ تأكيد أن كل واحد من أئمة أهل البيت عليهمالسلام قائم بأمر اللّه ، ويهدي إلى اللّه عزّوجلّ ، لكنه ليس القائم أو المهدي الموعود صاحب السيف الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً.
ب ـ تأكيد أن المهدي عليهالسلام يظهر في صورة شاب أقل عمراً منه عليهالسلام ، وأنى يكون هو المهدي وقد دنى أجله؟!
روي أن الحكم بن أبي نعيم كان يعتقد مهدوية الإمام الباقر عليهالسلام ، قال : «أتيت أبا جعفر عليهالسلام بالمدينة فقلت له : جعلت فداك ، إني جعلت عليّ نذر صيام
__________________
(١) راجع : الطبقات الكبرى ٥ : ٣٣٣ ، تاريخ دمشق ٤٥ : ١٨٧.