والاختيار ، وهو الأمر بين الأمرين ، فجمعوا الآراء المتشعّبة ، مستندين إلى ما آي الكتاب الكريم في هذا الشأن.
قال أبو جعفر الباقر وأبو عبد اللّه الصادق عليهماالسلام : «إنّ اللّه عزّوجلّ أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب ثم يعذّبهم عليها ، واللّه أعزّ من أن يريد أمراً فلا يكون» (١).
ومنع الإمام الباقر عليهالسلام أصحابه من الائتمام بمن يقول بالقدر ، قال الحارث ابن سريج البزّاز : «قلت لمحمد بن علي إن لنا إماماً يقول في القدر ، فقال : اُنظر كل صلاة صلّيتها خلفه أعدها ، إخوان اليهود والنصارى ، قاتلهم اللّه أنّى يؤفكون» (٢).
المراد بالإرجاء التأخير ، والمرجئة هم الذين يبالغون في إثبات الوعد ، ويرجون المغفرة والثواب لأهل المعاصي ، ويرجئون حكم أصحاب الكبائر وسائر المذنبين إلى الآخرة ، فلا يحكمون عليهم بكفر ولا فسق ، ويرى المرجئة أن الإيمان معرفة بالقلب وتصديق باللسان ، وهو قول بلا عمل ، ولا يضرّ معه ذنب أو معصية ، وهو لا يزيد ولا ينقص (٣).
وقد روّجت السلطة الأموية لفكرة الإرجاء ، لتبرير هوس طغاتهم بالدماء ، وإيغالهم بالجريمة والظلم ، واستباحة الحرمات ، واستخفافهم بأحكام الدين ، وتعطيل الكتاب والسنّة ، كي يبقوا رغم ذلك مؤمنين ، لا يضرّ بإيمانهم
__________________
(١) التوحيد / الصدوق : ٣٦٠ / ٣.
(٢) اعتقاد السنّة / ابن منصور : ٧٣١.
(٣) راجع : الملل والنحل ١ : ١٢٥.