عن نقص استبصار ، ولا عن اتهام مقدار ، ولكن لما تعاني من ركوب معاصيك ، والخلاف عليك في أوامرك ونواهيك ، والتلعب بأوليائك ومظاهرة أعدائك ، اللّهمّ فقرّب ما قد قرب ، وأورد ما قد دنا ، وحقّق ظنون الموقنين ، وبلّغ المؤمنين تأميلهم من إقامة حقّك ونصر دينك ، وإظهار حجّتك والانتقام من أعدائك» (١).
لم تخل حياة الإمام الباقر عليهالسلام من خط المواجهة الساخن مع بعض رجالات السلطة ، في ظروف فرضت عليه تلك المجابهة التي قد تصل إلى حد التعريض الواضح برأس السلطة ، فحين أشخص هشام بن عبد الملك الإمام الباقر وولده الصادق عليهماالسلام إلى الشام وطلب منهما المناضلة والرمي ، قال هشام : أين رمي جعفر من رميك؟ فقال عليهالسلام : «إنّا نحن نتوارث الكمال والتمام اللذين أنزلهما اللّه على نبيه صلىاللهعليهوآله في قوله : «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِْسْلاَمَ دِيناً» (٢) والأرض لا تخلو ممن يكمل هذه الأمور التي يقصر عنها غيرنا».
فلما سمع هشام ذلك من الباقر عليهالسلام انقلبت عينه اليمنى واحمر وجهه ، وكان ذلك علامة غضبه إذا غضب.
ثم أطرق هشام فقال : ألسنا بنو عبد مناف نسبنا ونسبكم واحد؟ فقال الباقر عليهالسلام : «نحن كذلك ، ولكنّ اللّه جلّ ثناؤه اختصّنا من مكنون سرّه وخالص علمه ، بما لم يختصّ أحداً به غيرنا».
__________________
(١) بحار الأنوار ٨٢ : ٢١٧.
(٢) سورة المائدة : ٥ / ٣.