وحاول عليهالسلام غرس هذه المفاهيم عن طريق الدعاء الذي جعل منه ميداناً لتعليم العقائد وعلى رأسها التوحيد ، ومن ذلك الدعاء وقت الزوال الذي علمه الباقر عليهالسلام محمد بن مسلم : «لا إله إلاّ اللّه ، واللّه أكبر ، وسبحان اللّه ، والحمد للّه الذي لم يتخذ ولداً ، ولم يكن له شريك في الملك ، ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيراً.
قال محمد بن مسلم : فقلت : جعلت فداك ، أحافظ على هذا الكلام عند الزوال؟ قال : نعم ، حافظ عليه كما تحافظ على عينيك» (١).
يؤكد الإمام الباقر عليهالسلام امتناع عقول المخلوقين وحواسهم عن إدراك حقيقة الذات الالهية ، أو توهمه بالمحسوسات ، لأنه سبحانه فوق ما يدركه العقل ، وفوق ما تتصوره الأوهام والحواس ، عن المنهال بن عمرو ، عنه عليهالسلام قال : «اذكروا من عظمة اللّه ما شئتم ، ولا تذكرون منه شيئاً إلاّ وهو أعظم منه» (٢).
وقال عليهالسلام : «اللّه معناه المعبود الذي أَلْهَ الخلق عن درك ماهيته والإحاطة بكيفيته» (٣).
وعن عبد الرحمن بن أبي نجران ، قال : «سألت أبا جعفر عليهالسلام عن التوحيد ، فقلت : أتوهم شيئاً. فقال : نعم ، غير معقول ولا محدود ، فما وقع وهمك عليه من شيء فهو خلافه ، لا يشبهه شيء ولا تدركه الأوهام ، كيف تدركه الأوهام وهو خلاف ما يعقل ، وخلاف ما يتصور في الأوهام؟! إنّما يتوهم
__________________
(١) فلاح السائل : ٩٦ ، بحار الأنوار ٨٧ : ٥٤ ، مستدرك الوسائل ٣ : ١٢٦ / ٣١٧٤.
(٢) تاريخ دمشق ٤٥ : ٢٨٢ ، سير أعلام النبلاء ٤ : ٤٠٥.
(٣) التتوحيد : ٨٩.