أما زهد الإمام الباقر عليهالسلام في الحياة الدنيا ، وتجرّده عن كل نزعة مادية أو ذاتية ، فتشير كل تفاصيل حياته أنّه كان أزهد أهل زمانه وأورعهم وأتقاهم.
يقول ابن حجر الهيتمي : وله من الرسوم في مقامات العارفين ، ما تكلّ عنه ألسنة الواصفين ، وله كلمات كثيرة في السلوك والمعارف لا تحتملها هذه العجالة (١).
وقد أفرد الشيخ الصدوق ، كتاباً في زهده ، سمّاه كتاب زهد أبي جعفر عليهالسلام (٢).
وكان عليهالسلام يحث أصحابه ويحدثهم بضرورة العمل بمقتضيات الزهد في الدنيا ، منها إخلاص الإيمان ، وإدامة الذّكر سيما ذكر الموت ، وقصر الأمل ، وغايته هدايتهم وتهذيب أخلاقهم ، قال عليهالسلام : «لا زهد كقصر الأمل» (٣).
وعن أبي عبيدة الحذاء ، قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : «حدثني بما أنتفع به. فقال : يا أبا عبيدة ، أكثر ذكر الموت ، فإنّه لم يكثر إنسان ذكر الموت إلاّ زهد في الدنيا» (٤).
وقال عليهالسلام : «ما أخلص العبد الإيمان باللّه عزّوجلّ أربعين يوماً إلاّ زهده اللّه عزّوجلّ في الدنيا ، وبصره داءها ودواءها ، فأثبت الحكمة في قلبه ،
__________________
(١) الصواعق المحرقة : ٣٠٤.
(٢) رجال النجاشي : ٣٨٩.
(٣) تحف العقول : ٢٨٦.
(٤) الكافي ٢ : ١٣١ / ١٣.