وقال عليهالسلام : «ما شيب شيء بشيء ، أحسن من حلم بعلم» (١).
وجاء في سيرته العملية المزيد من المواقف التي صبر فيها على كيد الأعداء ، وسكت عن الجهال ، وصفح عن المسيئين ، وغضّ الطرف عن الهفوات ، ووسعها بعفوه وصبره وسعة صدره.
ومن ذلك موقفه من الناصبي الذي واجهه بكلمات قبيحة ، رواه محمد بن سليمان ، عن أبيه ، قال : «كان رجل من أهل الشام يختلف إلى مجلس أبي جعفر عليهالسلام ، ويقول له : يا محمد ، ألا ترى إني إنما أغشى مجلسك حياءً مني لك ، ولا أقول : إن في الأرض أحداً أبغض إلي منكم أهل البيت ، وأعلم أن طاعة اللّه وطاعة رسوله وطاعة أمير المؤمنين في بغضكم ، ولكن أراك رجلاً فصيحاً ، لك أدب وحسن لفظ ، وإنما الاختلاف إليك لحسن أدبك ، وكان أبو جعفر عليهالسلام يقول له خيراً ، ويقول : لن تخفى على اللّه خافية ... وصار بعد ذلك من أصحاب أبي جعفر عليهالسلام» (٢).
ومنه موقفه من النصراني الذي أراد استفزازه بكثرة الأسئلة ، وأجاب عنها الإمام بردّ جميل وموعظة حسنة ، قال له النصراني : «أنت ابن السوادء الزنجية البذية ، فقال له الإمام عليهالسلام : إن كنت صدقت غفر اللّه لها ، وإن كنت كذبت غفر اللّه لك. ولم يزد عليها ، فأسلم النصراني» (٣).
تجلّت في شخصية الإمام الباقر عليهالسلام سمات أولياء اللّه وأحبائه الذين أضفى
__________________
(١) شرح الأخبار٣ : ٢٨٣ ، الارشاد ٢ : ١٦٨ ، تحف العقول : ٢٩٢.
(٢) الأمالي / الطوسي : ٤١٠ / ٩٢٣ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٢٠.
(٣) مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٣٧.