مقدمة المركز
ليس الحديث عن سيرة وتاريخ الأئمّة عليهمالسلام حديثاً عن الماضي ، بل المقصود بذلك إغناء حركة الواقع الإسلامي في مسيرته المعاصرة من خلال معرفة العظماء وبناة الحضارة الإسلامية الذين أغنوا تلك الحركة في عصورهم بإجابات وحلول ، لا زالت هي الجواب المحكم لأكثر من سؤال معاصر ، والحل الأمثل لجلّ المشاكل القائمة. وهكذا يكون هدفنا في دراسة أيّ من عظماء الفكر وقادته ، خصوصاً من كانت له مواقع مميزة في حياته كموقع الإمامة. ذلك لأن الإمام لا ينظر ـ من منطلق إمامته ـ في طرح المفاهيم ومعالجتها ، والمشاكل العالقة وحلّها إلى مرحلة معينة ، بل يطرحها على صعيد الحياة برمّتها ، انطلاقاً من ذلك الموقع المعبّر عن نظرة الإسلام تجاه مفاهيمه وتعاليمه.
وفي هذا الصدد رأينا باقر العلم عليهالسلام من خلال دراسة سيرته المشرقة وتاريخه الوضّاء الحافل بأنواع العطاء ، ليس كبقية العظماء من العلماء والمجدّدين في تاريخ هذه الأُمّة الذين قادوا حركة الفكر في أزمانهم ، بل رأيناه رسالة تتحرّك على أرض الواقع ، رسالة تحمل الإسلام وتحميه ، بتدبير حكيم فذّ ، وعقل منفتح على العالم بأسره ، وحلول ناجعة شافية لمشاكل الأُمّة على أكثر من صعيد لا في حاضرها فحسب ، بل في عمرها ومستقبلها إلى أن يرث اللّه الأرض ومَن عليها.
ولا عجب فيمن يصطفيه اللّه تعالى لحماية دينه ، وردّ كيد الكائدين به ، بل العجب من حثالات أدعياء العلم وجهلة هذه الأُمّة من الذين تجرّأوا على وضع باقر العلم عليهالسلام موضع المقارنة مع غيره من رواة الحديث وحملته! مع أن قولهم (الباقر وغيره) لا معنى له ، ولا يصحّ من كل وجه؛ لأنّ المسافة التي تفصله عليهالسلام عن غيره شاسعة تتّسع لكل الدنيا ، ولو كانت المسافة واحدة لما