خُصّ الباقر عليهالسلام بالاصطفاء والولاية والإمامة وعُدّ من مات في زمانه ولم يعرفه مات ميتة جاهلية.
و (الباقر) كلقب ، بل وسام قلّده النبي صلىاللهعليهوآله لحفيده كما في حديث جابر المشهور ، يكفي وحده للإطاحة بكل مقارنة.
نعم ، إنّه عليهالسلام بقر العلم بقرا ، وأسكت الكلّ في زمانه ، وانقادوا لحجّته ، ويحدّثنا تاريخ الإمام الباقر عليهالسلام إن فطاحل العلماء في زمانه كانوا لا ينبسون ببنت شفة في محضره ، وكان أعظمهم علماً إذا ما حضر بين يديه صار كالحجل في كفّ البازي لا يدري ما يقول.
وأما عن مدرسته ، فقد تنوّعت مسارب العلم فيها ، وتعدّدت آفاقها المعرفية ، واتّسعت اتّساعاً هائلاً ، فكانت ضروباً وألواناً شتّى ، ناهيك عن علوم الشريعة فيها من فقه وتفسير وحديث وكلام ، حيث بلغت ذروتها في تلك المدرسة الشريفة.
وأمّا عن روّاد مدرسته عليهالسلام ، فبفضل انفتاحها الواسع رأينا صنوفاً شتّى من تلامذتها ، إذ لم يكونوا كلهم أرباب فكر واحد أو اعتقاد واحد ، ولكن مدرسة الإسلام الباقرية جمعتهم في صعيد واحد بعد أن جمعهم الانتماء إلى الإسلام وفرّقتهم مدارس المسلمين ، الأمر الذي شهدت عليه بكل وضوح سيرة الإمام وتاريخه في هذا الكتاب.
إنّه لجهد مميّز في بابه ، حيث اقتنص مؤلّفه المحترم الكثير من الحقائق التاريخية بدراسة علمية واعية موثّقة ، ليجعلها في متناول القرّاء بأسلوبه السهل الممتنع.
سائلين المولى عزّوجلّ أن يشركنا في ثوابه إنّه سميع مجيب.
مركز الرسالة