فضلاً عن رجالكم ، كما تتلقّف الصبيان الكرة ، أفهمت؟ ثم قال : لا تزالون في عنفوان الملك ترغدون فيه ، ما لم تصيبوا منّا دماً حراماً ، فإذا أصبتم ذلك الدم غضب اللّه عزّوجلّ عليكم ، فذهب بملككم وسلطانكم ، وذهب بريحكم» (١).
كان الخوارج تيارات فكرية مختلفة ، تتّفق جميعاً على لغة التكفير واستباحة الدماء ، فمنهم الأزارقة ، أتباع نافع بن الأزرق ، وكانت لهم حروب شديدة مع الأمويين في البصرة والأهواز ، قاتلوا أهل الشام مع ابن الزبير أولاً ، فلما علموا أنّه يتولّى عثمان فارقوه ، فانتدب المهلب لقتالهم ، فحاربهم وهزمهم ، وانحازوا إلى الأهواز ، ثم إلى فارس ، وقتل نافع بن الأزرق سنة ٦٥ هـ ، ثم لم يزل يواقعهم من بلد إلى بلد حتى قُتل ابن الزبير ، وخلص الأمر إلى عبد الملك ، واستمر في قتالهم حتى سنة ٧٨ هـ حيث ضعف أمرهم.
ومنهم النجدات ، أتباع نجدة الحروري ، استولوا على حضرموت والبحرين واليمن والطائف واليمامة وعمان وهجر ، وكان أول أمره مع نافع بن الأزرق ، وفارقه لاحداثه في مذهبه ، ثم خرج باليمامة أيام عبد اللّه بن الزبير ، وأتى البحرين واستقرّ بها ، وتسمّى بأمير المؤمنين ، ووجّه إليه مصعب بن الزبير جيشاً بعد جيش فهزمهم حتى قُتل.
ومنهم الأباضية ، وهم أتباع عبد اللّه بن أباض ، الذي تخلّف عن قتال ابن الزبير مع ابن الأزرق ، فتبرّأ ابن الأزرق منه ، وقتل ابن أباض في أيام مروان بن محمد ، وافترقت هذه الجماعة فيما بينها (٢).
__________________
(١) الكافي ٨ : ٢١٠ / ٢٥٦ ، ونحوه في الصواعق المحرقة : ١٢١ ، والخرائج ١ : ٢٧٣.
(٢) الأخبار الطوال / الدينوري : ١٩٩ ، لسان الميزان / ابن حجر ٣ : ٢٤٨ / ١٠٨٣ ،