وكتب هشام بن الحكم إلى خالد بن عبد اللّه القسري يقسم عليه أن يقطع لسان الكميت ويده ، لقصيدة رثى بها زيد بن علي عليهالسلام وابنه ومدح بني هاشم. فلم يشعر الكميت إلاّ والخيل محدقة بداره ، فأُخذ وحبس في المحبس ، وخلّصه أبان بن الوليد ، وكان صديقه (١).
وأمر الإمام الباقر عليهالسلام جابر بن يزيد الجعفي أن يتظاهر بالجنون ، كي يتخلّص من بطش السلطة ، فخرج وفي عنقه كعاب قد علقها ، وقد ركب قصبة ، وهو يردّد أشعاراً واجتمع عليه الصبيان والناس ، والناس يقولون : جُنّ جابر ابن يزيد جنّ ، وذهب إلى الرحبة ، وما مضت الأيام حتى ورد كتاب هشام بن عبد الملك إلى واليه أن انظر رجلاً يقال له : جابر بن يزيد الجعفي فاضرب عنقه ، وابعث إليّ برأسه. فسأل الوالي عنه ، فقيل له : كان رجلاً له علم وفضل وحديث فجنّ ، وهو ذا في الرحبة مع الصبيان على القصب يلعب معهم ، فعفى عنه (٢).
كان من تداعيات سياسة الجور والاستبداد التي انتهجها طغاة بني اُمية ، واستهتارهم بقيم وتعاليم الإسلام ، أن تألبت عليهم الأمة بجملة نهضات تاريخية اندلعت هنا وهناك ، بدأها أهل البيت بثورة الحسين عليهالسلام ، وختموها بثورة زيد وابنه يحيى.
وصل يزيد لعنه اللّه إلى ذروة السلطة بعهد من أبيه معاوية ، وكان حاكماً منحرفاً مستهتراً بقيم الإسلام ، أشاع مظاهر الفساد والمنكر ، وتجاهر بالكفر
__________________
(١) الاغاني / أبو الفرج ١٥ : ١١٤ ، الغدير / الأميني ٢ : ١٩٤.
(٢) الكافي ١ : ٣٩٦ / ٧.