ليستقدمه إلى الشام ، فقدم عليه وأعطاه الرأي في الإصرار على إصدار عملة إسلامية ، وبيّن له أوزانها وما يكتب فيها ، وطلب إليه أن يلزم المسلمين آنذاك باستعمال هذه العملة ، وأن لا يستعملوا العملة الرومية تحت طائلة العقوبة والتهديد ، فعمل عبد الملك ما طلب الإمام عليهالسلام ، وعندما علم ملك الروم بإجراءات عبد الملك لم ينفذ تهديده ، فقيل له : افعل ما كنت تهدّد به ملك العرب. فقال : إنما أردت أن أغيظه بما كتبت إليه ، لأنّي كنت قادراً عليه والمال وغيره برسوم للروم ، فأما الآن فلا أفعل لأن ذلك لا يتعامل به أهل الإسلام (١) ، وبهذا أنقذ الباقر عليهالسلام الواقع الإسلامي من مأزق حقيقي ، وأحبط الخطة الرومية في زعزعة النظام المالي للمسلمين.
الدعاء سلاح الأنبياء والأوصياء والمؤمنين الصالحين الذي يشهرونه في وجه الظالمين ، وعدّتهم في مواجهة الأعداء ، ومن أقوى الأسباب التي يستدفع بها البلاء ، قال الصادق عليهالسلام : «كان أبي عليهالسلام إذا حزنه أمر (٢) جمع النساء والصبيان ثم دعا وأمّنوا» (٣).
ويلجأ الإمام الباقر عليهالسلام إلى الدعاء حيث يشتدّ الخناق ، ويحتدّ الوثاق ، وتنقطع حبائل الصبر من جور طغاة بني أُميّة وبني مروان الذين سعوا في الأرض فساداً ، فاتّخذوا مال اللّه دولاً ، وعباد اللّه خولاً ، ويتضرّع الإمام عليهالسلام
__________________
(١) المحاسن والأضداد / البيهقي ١ : ٣١ ، حياة الحيوان / الدميري ١ : ٦٣. وروي أيضاً أن المشير على عبد الملك قد أرشده إلى الإمام زين العابدين عليهالسلام.
(٢) الظاهر حزبه أمر ، أي دهاه وأعياه علاجه.
(٣) الكافي ٢ : ٤٨٧ / ٣.