المقدمة
الحمد للّه رب العالمين ، وسلامه على عباده المصطفين محمد وآله الميامين.
إنّ سيرة أهل البيت عليهمالسلام تكتنز تاريخاً غنياً بالعطاء وبالجهود التي بذلوها من أجل نشر معارف الدين السامية ، وإشاعة نور الإصلاح والحقّ والعلم في دياجير الانحراف والظلم والباطل ، سيّما وهم عليهمالسلام الركيزة الراسخة التي يقوم عليها صرح الإسلام بعد رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، فصاروا قبلة يهوي إليها طالبو الحقّ والعدل والعلم ، وقدوة حسنة يصبو إليها أهل التقى والمكارم.
وإمامنا الباقر عليهالسلام واحد من أفذاذ تلك السلسلة المحمدية المعصومة ، فأبوه سيّد العابدين علي بن الحسين عليهماالسلام حليف المحراب والدعاء والابتهال ، وجدّه الحسين عليهالسلام شهيد الإصلاح والثورة على طغاة بني أمية ، وهو الذي سمّاه جدّه رسول اللّه صلىاللهعليهوآله بـ (محمد الباقر) وأخبر عن توسعّه في العلم وتبحّره في دقائقه ، لقوله صلىاللهعليهوآله لجابر بن عبد اللّه الأنصاري رضياللهعنه : «يا جابر ، يوشك أن تلحق بولد من ولد الحسين اسمه كاسمي يبقر العلم بقراً ، فإذا رأيته فاقرأه منّي السلام» (١).
__________________
(١) هذا الحديث مروي بطرق متعدّدة ، سنأتي على ذكرها في الفصل الثاني.