المعارف ، وحقائق الأحكام والحكم واللطائف ما لا يخفى إلاّ على منطمس البصيرة ، أو فاسد الطوية والسريرة ، ومن ثم قيل فيه : هو باقر العلم وجامعه ، وشاهر عَلمه ورافعه ، صفا قلبه ، وزكى عمله ، وطهرت نفسه ، وشرف خلقه ، وعمرت أوقاته بطاعة اللّه ... (١).
وذكر سبط ابن الجوزي رأياً غريباً في سبب هذا اللقب ، قال : وإنّما سمّي الباقر من كثرة سجوده ، من بقر السجود جبهته ، أي فتحها ووسعها. وقيل : لغزارة علمه (٢). والقول الأول الذي ذكره السبط معارض بما سنذكره من بشارة رسول اللّه صلىاللهعليهوآله بولادته ، وذكره اسمه ولقبه ، وكونه يبقر العلم بقراً ، ومعارض بإجماع غالب العلماء في معنى هذا الاسم المبارك ، فضلاً عن أن اللغة لا تساعد على ما يقول.
روي بطرق عدّة أنّ النبي المصطفى صلىاللهعليهوآله قد بشّر جابر بن عبد اللّه الأنصاري بأنّه يدرك زمان الباقر عليهالسلام ، وسمّاه له ولقّبه ، وذكر بأنّه يبقر العلم بقراً ، وأنّ اللّه يهب له النور والحكمة ، وأبلغه سلامه.
روى الطبري عن أبان بن تغلب ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : «جاءني جابر ابن عبد اللّه وأنا في الكتّاب ، فقال لي : اكشف لي عن بطنك ، فكشفت له عن بطني فقبله ، ثم قال : إن رسول اللّه صلىاللهعليهوآله أمرني أن أقرئك السلام» (٣).
وروى جابر عن رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، قال : «يا جابر ، يوشك أن تبقى حتى
__________________
(١) الصواعق المحرقة : ١٢٠.
(٢) تذكرة الخواص / سبط ابن الجوزي : ٣٤٦.
(٣) المنتخب من ذيل المذيل / الطبري : ١٢٩ ، تاريخ دمشق ٤٥ : ٢٧٥.