فاستباح المدينة ثلاثة أيام لجنده بأمر يزيد ، انتهك فيها الجيش الأموي مدينة الرسول ، فهتك الأعراض ، وأزهق نفوس وجوه الناس من قريش والأنصار والمهاجرين ، ونهب الأموال (١).
أمير هذه الثورة الصحابي سليمان بن صرد الخزاعي ، وكان ممّن كاتب الحسين عليهالسلام ليبايعه ، فلما عجز من نصرته عليهالسلام ندم وحارب (٢) ، ودعا الناس إلى التوبة ، فبايعه نحو خمسة آلاف على الثأر للحسين عليهالسلام ، فسار بهم نحو الشام لحرب عبيد اللّه بن زياد ، فعسكروا في عين الوردة ، فالتحم القتال ثلاثة أيام ، فأبلوا بلاء حسناً ، وقاتلوا شوقاً ورغبةً إلى رضوان ربّهم ، وأصدقوا القتال والتوبة حتّى قُتل سليمان وخيرة أصحابه ، وانحاز الباقون إلى بلدانهم (٣).
دعا عبد اللّه بن الزبير إلى نفسه ، فبُويع له بالخلافة عقب وفاة معاوية بن يزيد سنة ٦٤ هـ.
وهكذا استامها كل مفلسِ.
وتوسّعت حركته في رقعة جغرافية واسعة ، فشملت الحجاز والبصرة والكوفة وفارس والأهواز وخراسان ومصر واليمن وأكثر الشام ، وجعل قاعدة ملكه المدينة ، وكانت له مع الأمويين وقائع هائلة ، حتّى سيّر عبد الملك بن
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٥٠ ، المنتظم / ابن الجوزي ٦ : ٧ ، الطبقات الكبرى ٥ : ٦٦ ، تاريخ الإسلام / الذهبي ٥ : ٢٣ ، تهذيب الكمال / المزي ١٤ : ٤٣٦ / ٣٢٣٦.
(٢) سير أعلام النبلاء ٣ : ٣٩٥ / ٦١ في ترجمة سليمان بن صرد نقله عن ابن عبد البر القرطبي المالكي.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٥٧ ، المنتظم ٦ : ٣٥.