تقية» (١).
وفي هذا السياق كان يدفع الضرر عن طلابه تستّراً عليهم من عيون السلطة بموارد من التقية المباحة ، قال جابر الجعفي : «دخلت على أبي جعفر عليهالسلام ، فقال لي : من أين أنت؟ فقلت : من أهل الكوفة. قال : ممن؟ قلت : من جعف. قال : ما أقدمك إلى ها هنا؟ قلت : طلب العلم. قال : ممن؟ قلت : منك. قال : إذا سألك أحد من أين أنت ، فقل : من أهل المدينة. قلت : أيحل لي أن أكذب؟ قال : ليس هذا كذباً ، من كان في مدينة فهو من أهلها حتى يخرج» (٢). وكان ذلك حين بدأ عثمان بن حيان ، عامل الوليد بن عبد الملك ، يلقي القبض على من تمكّن من الشيعة الهاربين إلى المدينة طلباً للأمان ، فيعاقبهم ثم يبعثهم إلى الحجّاج في العراق لينكل بهم.
كان للإمام عليهالسلام أثر فاعل في هداية كثير من الناس ، وإخراجهم من ظلمات الجهل والضلال إلى نور العلم وسواء السبيل ، من خلال التأثّر بسيرته الصالحة ، أو من خلال دعوته إلى اللّه بالحكمة والموعظة الحسنة ، وسجّلت لنا كتب الحديث والتاريخ بعض آثاره عليهالسلام في دعوته إلى الإصلاح والإرشاد في أوساط الأُمّة المختلفة.
وكان من ثمار تلك الدعوة ، أن أحد بني أُميّة تأثّر بهديه ، وصار من خلص أصحابه ، وهو سعد بن عبد الملك ، وكان أبو جعفر عليهالسلام يسمّيه سعد الخير ، وهو من ولد عبد العزيز بن مروان ، وكان يدخل على الإمام عليهالسلام فينشج كما تنشج
__________________
(١) الكافي ٢ : ١٧٤ / ١٦.
(٢) مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٣١.