الموارد ، هذا مع بيان الإمام الباقر عليهالسلام واقع الحكم لبعض أصحابه أولاً (١) ، وحيث إن أخبار التقية عادة ما تكون معارضة لما صدر عن إرادة جدية ، لذا وضع الإمام عليهالسلام قواعد كلية جعل فيها خطاً فاصلاً بين الأحكام التي تصدر بسبب التقية ، وبين ما صدر على نحو الإرادة الجديّة ، منها : قوله عليهالسلام : «خذ بما اشتهر بين أصحابك ، ودع الشاذ النادر». وقوله : «انظر ما وافق منهما العامّة فاتركه ، وخذ بما خالفه فإن الحقّ فيما خالفهم» (٢). أي خذ ما يخالف الخط الموالي للسلطة من وعاظ السلاطين والدائرين في فلكهم.
وفي حديثه عليهالسلام لجابر الجعفي : «انظروا أمرنا وما جاءكم عنا ، فإن وجدتموه موافقاً القرآن فهو من قولنا ، وما لم يكن موافقاً للقرآن ، فقفوا عنده وردّوه إلينا ، حتّى نشرحه لكم كما شرح لنا» (٣). وبهذا الاُسلوب استطاع الحفاظ على واقعية الأحكام الشرعية وتمييزها عن أخبار التقية.
وبسبب ضغط الظروف وحرصاً على حياة أصحابه من شرّ الظالمين ، بيّن الإمام الباقر عليهالسلام لهم موارد وجوب التقية ، فقال : «إنّ التقية في كلّ ضرورة ، وصاحبها أعلم بها حين تنزل به» (٤). فالأمر منوط بتقدير المرء لحالة التهديد والبلاء الذي يتعرّض له لو لم ينفذ ما يطلب منه ، بشرط أن لا تصل التقية إلى هدر الدم ، قال عليهالسلام : «إنّما جعلت التقية ليحقن بها الدم ، فإذا بلغ الدم فليس
__________________
(١) راجع : الكافي : ٦ : ٤٠٧ / ٤ ، تهذيب الأحكام ٩ : ٣١ / ١٢١.
(٢) غوالي اللآلي ٤ : ١٣٣ / ٢٢٩.
(٣) أعلام الدين في صفات المؤمنين : ٣١٤.
(٤) الكافي ٢ : ٢١٩ / ١٣.