فيسجد السجدة فيطيل السجود حتّى يقال إنّه راقد» (١).
وكان عليهالسلام في أكثر أوقاته وفي جميع حالاته ، لا يفتر لسانه عن ذكر اللّه سبحانه ، ويأمر أهله بالقراءة والذكر ، روى ابن القداح ، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام ، قال : «كان أبي عليهالسلام كثير الذكر ، لقد كنت أمشي معه وانّه ليذكر اللّه ، وآكل معه الطعام وانّه ليذكر اللّه ، ولقد كان يحدّث القوم وما يشغله ذلك عن ذكر اللّه ، وكنت أرى لسانه لازقاً بحنكه يقول : لا إله إلاّ اللّه ، وكان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتّى تطلع الشمس ، ويأمر بالقراءة من كان يقرأ منّا ، ومن كان لا يقرأ منّا أمره بالذكر» (٢).
ونلمس عند الإمام الباقر عليهالسلام امتداداً لظاهرة البكاء ، تلك الظاهرة التي تكاد تستحوذ على حياة أبيه عليهالسلام ، المعروف بالبكّاء ، لكثرة نشيجه وبكائه ، نتيجة الألم الذي يعتصر قلبه الزكي ، ليس فقط لفجيعته بأبيه وأخوته الذين رآهم يقتلون رأي العين في ساحة المواجهة مع الجبروت الأُموي ، بل لفجيعته برموز التغيير والنهضة والإصلاح في واقع الأُمّة.
وفي فضاء محموم بالظلم والإرهاب ، كانت دموعه التي يرسلها ساخنة ، هي المتنفّس الوحيد للتعبير عن عمق ألمه ومرارته ، وكانت أيضاً رسالة ناطقة لاستنهاض وجدان الأُمّة ، وشحذ همّتها ، وتذكيرها بالجريمة النكراء التي ارتكبها عتاة بني أُمية بحقّ سبط النبي صلىاللهعليهوآله ، وسيد شباب أهل الجنّة عليهالسلام.
وعليه فلا ريب أن نجد آثار تلك الظاهرة تمتد إلى الإمام الباقر عليهالسلام ، سيما
__________________
(١) وسائل الشيعة ٦ : ٣٨١ / ٨٢٤٢.
(٢) الكافي ٢ : ٤٩٨ / ١.