مروان إليه الحجّاج الثقفي ، فانتقل إلى مكة ، وعسكر الحجّاج في الطائف ، ونشبت بينهما حروب شديدة رمى فيها الحجّاج الكعبة بأحجار المنجنيق ، وانتهت بمقتل ابن الزبير في مكة سنة ٧٣ هـ بعد أن خذله عامّة أصحابه ، وكانت مدّة ملكه تسع سنين.
وكان ابن الزبير خبيثاً ، عدوّاً للحقّ ، بخيلاً قليل العطاء ، كثير الحسد والخلاف ، شديد العداوة والبغضاء لآل أبي طالب ، تحامل على بني هاشم تحاملاً شديداً ، حتّى أنّه حين تسلّط على المدينة ترك الصلاة على محمد صلىاللهعليهوآله في خطبته ، فقيل له : لِمَ تركت الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآله . فقال : إنّ له أُهيل سوء إذا ذكرته أتلعوا أعناقهم ، فأنا أحبّ أن أكبتهم. وحين امتنع محمد بن الحنفية وعبد اللّه بن عباس عن بيعته ، أخذهما ابن الزبير مع أربعة وعشرين رجلاً من بني هاشم ، فحبسهم في حجرة زمزم ، وحلف باللّه الذي لا إله إلاّ هو ليبايعن أو ليحرقنّ بالنار ، فأنقذهم جيش المختار ، وكان ينال من علي بن أبي طالب عليهالسلام ويسبّه (١). من هنا كان أبو جعفر الباقر صلىاللهعليهوآله يسمّيها فتنة ابن الزبير (٢).
وهو رضياللهعنه من زعماء الثائرين على بني أمية ، وأحد الشجعان الأفذاذ ، بدأت حركته بعد ثورة التوّابين ، فعندما انتهت المواجهة ، دخل الذين انحازوا إلى الكوفة من جيش ابن صرد تحت مظلّة المختار ، ذلك لأنّ شعار المختار هو الثأر لدماء الحسين عليهالسلام ، والاقتصاص من قاتليه ، فكثر أتباعه ، واستولى على
__________________
(١) تاربخ اليعقوبي ٢ : ٢٦١ ، تاريخ الخلفاء : ١٩٦ ، المنتظم ٦ : ١٣٨ ، الاستيعاب / ابن عبد البر٢ : ٣٠٢ ، الاعلام / الزركلي ٤ : ٨٦ و ٧ : ٢٤٧.
(٢) اكمال الدين / الصدوق : ٣٨٦ / ٢.