منه ما نكره. قال : فما لبثوا أن سمعوا الصياح عليه ، فإذا هو قد خرج عليهم منبسط الوجه في غير الحال التي كان عليها ، فقالوا له : جعلنا اللّه فداك ، لقد كنا نخاف مما نرى منك ، أن لو وقع أن نرى منك ما يغمنا. فقال لهم : «إنا لنحب أن نعافى فيمن نحب ، فإذا جاء أمر اللّه سلمنا فيما يحب» (١).
وفي رواية سفيان بن عيينة أنه قال : «ندعو اللّه تبارك وتعالى فيما نحب ، فإذا وقع ما نكره لم نخالف اللّه فيما أحب» (٢).
وعن زرارة ، قال : «فلما قضى الغلام ، أمر به فغمض عيناه وشد لحياه ، ثم قال لنا : إن نجزع ما لم ينزل أمر اللّه ، فإذا نزل أمر اللّه ، فليس لنا إلاّ التسليم ، ثم دعا بدهن فادّهن واكتحل ، ودعا بطعام فأكل هو ومن معه ، ثم قال : هذا هو الصبر الجميل ، ثم أمر به فغسل ، ثم لبس جبة خز ومطرف خز وعمامة خز ، وخرج فصلى عليه» (٣).
وحثّ الإمام عليهالسلام على الحلم وسعة الصدر ، وأكد على ضرورة اقتران الحلم بالعلم ، إذ الحلم لباس العالم ، فيصبر حيثما يقتضي الامر حلماً ، أما الجاهل فلباسه التهور والجزع ، مما يوقعه في أخطاء وخيمة.
جاء في رسالة الإمام الباقر عليهالسلام إلى سعد الخير : «وليس الحليم الذي لا يتقي أحداً في مكان التقوى ، والحلم لباس العالم ، فلا تعرين منه» (٤).
__________________
(١) الكافى ٣ : ٢٢٦ / ١٤.
(٢) تاريخ دمشق ٤٥ : ٢٩٤ ، سير أعلام النبلاء ٤ : ٤٠٧ ، كشف الغمة ٢ : ٣٦٣ ، حلية الأولياء ٣ : ١٨٧.
(٣) التهذيب ٦ : ١٨٧ / ١١٥٣.
(٤) الكافي ٨ : ٥٣ / ١٦.