حرم اللّه من الشهوات واللذات ، قال عليهالسلام : «الجنة محفوفة بالمكاره والصبر ، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنة ، وجهنم محفوفة باللذات والشهوات ، فمن أعطى نفسه لذتها وشهوتها دخل النار» (١).
وبيّن الإمام الباقر عليهالسلام مصداق الصبر الجميل ، وهو اجتناب الشكوى إلى الناس ، عن جابر الجعفي ، قال : «قلت لأبي جعفر : يرحمك اللّه ، ما الصبر الجميل؟ قال : ذلك الصبر الذي ليس فيه شكوى إلى الناس» (٢).
ويدخل في هذا الإطار الصبر في حال الفاقة والحاجة ، بل وحتى في الغنى الذي قد يؤدي بالإنسان إلى العتوّ والطغيان ، وقد عبر عنه الإمام عليهالسلام بمروءة الصبر ، لأنه دليل الثقة باللّه ، ولذلك فهو أعلى مرتبة من مروءة الاعطاء.
قال عليهالسلام : «سخاء المرء عما في أيدي الناس أكثر من سخاء النفس والبذل ، ومروءة الصبر في حال الفاقة والحاجة والتعفف والغنى أكثر من مروءة الاعطاء ، وخير المال الثقة باللّه ، واليأس مما في أيدي الناس» (٣).
والصبر صفة بارزة في سيرة الإمام الباقر عليهالسلام العملية ، مثلما في سيرته القولية ، لأن قوله فعل وممارسة وتجسيد على أرض الواقع بمصاديق عملية واضحة ، فكان عليهالسلام نموذج الصابر المتوكل على اللّه ، الذي ارتفع إلى حقيقة اليقين المتمثل بالصبر عند البلاء ، والشكر عند الرخاء ، والرضا بالقضاء.
روي أنه كان قوم أتوا أبا جعفر عليهالسلام ، فوافقوا صبياً له مريضاً ، فرأوا منه اهتماماً وغماً ، وجعل لا يقر ، فقالوا : واللّه لئن أصابه شيء ، إنا لنتخوف أن نرى
__________________
(١) الكافي ٢ : ٨٩ / ٧.
(٢) الكافي ٢ : ٩٣ / ٢٣.
(٣) التهذيب ٦ : ١٨٧ / ١١٥٣.