رابعاً : على أساس هذا الاتجاه من الوعي والمعرفة ، وعلى ضوء هذه الإرشادات ، ربّى جيلاً من الفقهاء الرواة ، وتخرج على يده جمهرة كبيرة من مراجع الفتيا ، ممن أجمعت الطائفة على تصديقهم ، وكونهم أفقه الأولين ، أمثال زرارة ومعروف بن خربوذ وبريد بن معاوية وأبي بصير الأسدي والفضيل بن يسار ومحمد بن مسلم الطائفي وأبان بن تغلب ، وغير هؤلاء كثير.
وكان الإمام عليهالسلام يخلق فيهم حوافز الاهتمام بالفقه والاجتهاد به وإفادة الناس منه ، عن طريق ممارسة التوثيق للنابهين منهم ، على مستوى الشهادة له بالفقاهة وجواز الإفتاء ، ومن ذلك قوله عليهالسلام لأبان بن تغلب : «اجلس في مسجد المدينة وأفت الناس ، فإني أُحبّ أن يُرى في شيعتي مثلك» (١).
وكان التنوع صفة بارزة في مدرسته الفقهية على ما قدمنا ، فكان يقصده العلماء من كل البلاد الإسلامية ، وفيهم من أئمة الفقه والحديث كثيرون ، فأخذ منه ومن ولده الصادق عليهماالسلام ، أعلام الأُمّة آنذاك كأبي حنيفة ومالك وسفيان الثوري وأبي اسحاق السبيعي والأوزاعي وحجاج بن أرطاة وحفص بن غياث والحكم بن عتيبة وربيعة الرأي والزهري وعبد الملك بن جريج وعطاء بن أبي رباح ووكيع وغيرهم.
خامساً : حثّ شيعته سيما شبابهم على التفقه في الدين ، قال عليهالسلام : «تفقهوا في الحلال والحرام ، وإلاّ فأنتم أعراب» (٢). وقال عليهالسلام : «لو أتيت بشاب من
__________________
(١) رجال النجاشي : ١١ ، الفهرست / الشيخ الطوسي : ٥٧ ، خلاصة الأقوال : ٧٣ ، الذريعة ٢ : ١٣٥.
(٢) المحاسن ١ : ٢٢٧ / ١٥٨.