خواص النوافل حيث إن نبذاً منها يجوز تقديمها على الوقت للمسافر كصلاة الليل ، فلتكن الصحيحة محمولة عليها ولا سيما وأنها بمقتضى تنكير شيئاً في سياق الإثبات لا تدل على الحكم إلا على سبيل الموجبة الجزئية ولا تفيد العموم لجميع الصلوات لتشمل الفرائض.
على أنا لو سلّمنا عمومها بل صراحتها في أنّ تأخير الفرائض عن الوقت الأول لا يضر في السفر فلا تكاد تدل على أنه يضر في الحضر ، إذ القضية الشرطية لا مفهوم لها في مثل المقام مما يكون من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع ، بداهة أن مفهومها أنه إذا لم تصلّ في السفر شيئاً من الصلوات في غير وقتها فهو يضرك ولا محصّل له ، فإنه لا موضوع رأساً كي يضر أو لا يضر.
نعم ، بناء على ثبوت المفهوم للوصف بالمعنى الذي نرتأيه أعني عدم تعلق الحكم بالطبيعي المطلق ودخالة الوصف حذراً عن اللغوية فلا جرم تدل الصحيحة على أنّ للسفر مدخلية في الحكم بعدم الضرر ، ولكنه يكفي فيه الالتزام بوجود نوع من الحزازة والمنقصة في الإتيان في غير الوقت الأوّل في الحضر وانتفائه في السفر. وهذا كما ترى لا يقتضي إلا أفضلية الوقت الأوّل لا تعيّنه كما هو المدعى.
ومنها : موثقة أبي بصير عن أبي جعفر عليهالسلام في حديث : « إن الصلاة إذا ارتفعت في أول وقتها رجعت إلى صاحبها وهي بيضاء مشرقة تقول حفظتني حفظك الله ، وإذا ارتفعت في غير وقتها بغير حدودها رجعت إلى صاحبها وهي سوداء مظلمة تقول ضيّعتني ضيّعك الله » (١).
هكذا رواها في الوسائل والكافي (٢) ، وأما في التهذيب (٣) والحدائق (٤) فهي
__________________
(١) الوسائل ٤ : ١٠٨ / أبواب المواقيت ب ١ ح ٢.
(٢) الكافي ٣ : ٢٦٨ / ٤.
(٣) التهذيب ٢ : ٢٣٩ / ٩٤٦.
(٤) الحدائق ٦ : ٩٣.