فرض كونه عليهالسلام وجميع من معه معذورين في التأخير بعيد غايته ، نعم التأخير عن أول الوقت الذي لا ريب في أفضليته لا بد وأن يكون لمرجح ، ولعله عليهالسلام كان متشاغلاً ببيان الأحكام ، أو أنه عليهالسلام أراد بذلك بيان جواز التأخير عن سقوط الشفق.
وكيف ما كان ، فمقتضى الجمع بين مختلف هذه النصوص هو الحمل على اختلاف مراتب الفضل كما سبق.
ومما ذكرنا يظهر ضعف ما عن صاحب الحدائق من أن للمغرب أوقاتاً ثلاثة : من غروب الشمس إلى مغيب الشفق ، ثم إلى ربع الليل أو ثلثه ، ثم إلى منتصف الليل ، وأن مقتضى الجمع بين الأخبار هو حمل الأول على حال الاختيار ، والثاني على الاضطرار ، والثالث على الأشدّ ضرورة من نوم أو حيض ونحوهما (١).
وجه الضعف : ما عرفت من لزوم الحمل على اختلاف مراتب الفضل ، لإباء ما دل على جواز التأخير إلى منتصف الليل عن حمله على صورة الاضطرار جدّاً كما تقدم.
وأما القول بامتداد الوقت إلى طلوع الفجر فسيأتي البحث عنه عند تعرض الماتن له.
وملخص الكلام في المقام : أن صلاة المغرب يجوز تأخيرها عن سقوط الشفق بل عن ربع الليل إلى منتصفه في حال الاختيار ومن دون علّة أو اضطرار ، وعمدة الدليل عليه هو قوله تعالى ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ) (٢) ، بعد تفسير الغسق في النص الصحيح بمنتصف الليل (٣) وهو المطابق للّغة ، فإنه لغة هو شدة الظلام (٤) ، ومن البيّن أن منتهى شدّة الظلمة في
__________________
(١) الحدائق ٦ : ١٨٠.
(٢) الإسراء ١٧ : ٧٨.
(٣) الوسائل ٤ : ١٠ / أبواب أعداد الفرائض ب ٢ ح ١.
(٤) مجمع البحرين ٥ : ٢٢٢.