وأما مع ثبوت الإطلاق فلا ريب في أنه هو المتّبع ، ومعه لا يبقى مجال للترديد المزبور ، ومن الواضح ثبوت الإطلاق في المقام ، فان قوله عليهالسلام في بعض تلك الأخبار : « تجب الجمعة إذا كان لهم من يخطب بهم » غير قاصر الشمول بالإضافة إلى ما بعد القدمين ، بل مقتضى الإطلاق عموم البدلية من الزوال إلى الغروب ، لعدم التحديد بوقت معيّن في شيء من الأخبار ، فيكون وقتها هو وقت الظهر فضيلة وإجزاءً.
ومن هنا كان الأوجه في النظر ابتداءً هو ما اختاره الحليّ والشهيد من استمرار الوقت إلى الغروب كالظهر وأن وقتيهما واحد ، عملاً بإطلاق دليل البدلية.
إلا أنه يمنع عن الأخذ بهذا الإطلاق أمران :
الأول : عدم فتوى المشهور بذلك ، بل تسالم الأصحاب على خلافه تقريباً ، وقد تقدم من العلامة (١) دعوى الإجماع على انتهاء الوقت عند صيرورة الظل مثل الشاخص ، فكأنه لم يعتن بخلاف الحليّ والشهيد فادعى الإجماع غير مكترث بخلافهما ، بل لعل عدم الامتداد إلى الغروب من مرتكزات المتشرعة والمغروس في أذهانهم كما لا يخفى.
الثاني : عدم معهودية وقوعها قبل الغروب ولو بساعة أو ساعتين أو أكثر لا في زمن النبي صلىاللهعليهوآله ولا في زمن الأئمة عليهمالسلام ولا من بعدهم مع كثرة الطوارئ والعوارض الموجبة للتأخير كما في غيرها من سائر الصلوات من السفر والمرض ونحوهما ، فلو جاز التأخير لاتفق ولو في مورد واحد ، ولنقل إلينا بطبيعة الحال ولو في رواية واحدة مع عدم الإشارة إلى ذلك في شيء من الأخبار لا قولاً ولا فعلاً ، فيقطع من ذلك بعدم اتحاد الوقتين ، وأنّ وقت الجمعة أقل من الظهر تحقيقاً.
وعليه فلا بد من رفع اليد عن الإطلاق المزبور بالمقدار اللازم وما تقتضيه
__________________
(١) في ص : ١٣٧.