وإن أبيت إلا عن الأخذ بها وعدم طرحها فيمكن حملها ولو بعيداً على إرادة الذراع من القامة دون الشاخص ، باعتبار أن قامة رحل رسول الله صلىاللهعليهوآله كانت ذراعاً كما في رواية أبي بصير (١) فتدبر جيداً.
بقي الكلام في الجمع بين الطائفتين الأولتين ، أعني ما دلّ على كون العبرة بالقدم والقدمين ، وما دلّ على كون الاعتبار بالقدمين والأربعة أقدام.
والصحيح في وجه الجمع هو الحمل على اختلاف مراتب الفضل ، فالأفضل هو القدم والقدمان ، ودون ذلك في الفضيلة القدمان والأربعة أقدام.
ويشهد له ما ورد في غير واحد من الأخبار من الحث على التعجيل في وقت الفريضة والتخفيف في النافلة كي يبادر إلى الفريضة معجّلاً.
وبالجملة : فهذان وقتان للفضيلة مع اختلاف في مرتبتهما ، فالأفضل الإتيان بالظهر عند القدم ، وبالعصر عند القدمين بعد ما فرغ من النافلة قبلهما ، ودون ذلك عند القدمين والأربعة ، فلو فات كلا الوقتين ترك النافلة وبدأ بالفريضة.
وأصرح رواية تشهد لما ذكرناه من الجمع هي : موثقة ذريح المحاربي المصرّحة بأن النصف أعني القدم والقدمين أحبّ (٢) فتدل على أن هذا الوقت أفضل من القدمين والأربعة أقدام مع اشتراكهما في أصل الفضيلة.
فإن قلت : كيف يكون القدم والقدمان أفضل مع التصريح في بعض الأخبار كصحيحة زرارة المتقدمة (٣) وغيرها بأن النبي صلىاللهعليهوآله كان يصلي الظهر عند الذراع والعصر عند الذراعين ، الظاهر في أنه صلىاللهعليهوآله كان لا يزال يستمر على ذلك فكيف كان يداوم على غير الأفضل؟
قلت : ما ذكرنا إنما كان بلحاظ مصلحة نفس الوقت ، والملاك الذي يشتمل عليه في حدّ نفسه ولا ينافي ذلك طروء عنوان آخر يتضمن ملاكاً أقوى
__________________
(١) الوسائل ٤ : ١٤٥ / أبواب المواقيت ب ٨ ح ١٦.
(٢) الوسائل ٤ : ١٤٦ / أبواب المواقيت ب ٨ ح ٢٢.
(٣) في ص ١٤٩.