خطاب عام يشمل جميع المكلفين في كل جيل وحين.
وفيه أوّلاً : أنّ غاية ما يستفاد من الآية المباركة بعد ملاحظة كون القضية شرطية إنّما هو وجوب السعي على تقدير تحقق النداء وإقامة الجمعة وانعقادها ، ولعلنا نلتزم بالوجوب في هذا الظرف ، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى ، وأما وجوب إقامتها ابتداءً والنداء إليها تعييناً فلا يكاد يستفاد من الآية بوجه كما لا يخفى.
ويؤيده قوله تعالى بعد ذلك ( وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً ) (١) حيث يظهر منها أن الذمّ إنما هو على تركهم الصلاة بعد فرض قيام النبي صلىاللهعليهوآله لها ، واتصاف الجمعة بالانعقاد والإقامة ، فيتركونه قائماً ويشتغلون باللهو والتجارة ، وأما مع عدم القيام فلا ذمّ على الترك.
وبالجملة : وجوب السعي معلّق على النداء فينتفي بانتفائه بمقتضى المفهوم ، ولا دلالة في الآية على وجوب السعي نحو المعلّق عليه كي تجب الإقامة ابتداءً.
وثانياً : أن الاستدلال بها مبني على إرادة الصلاة من ذكر الله وهو في حيّز المنع ، ومن الجائز أن يراد به الخطبة كما عن بعض المفسرين بل لعله المتعين ، فإن السعي هو السير السريع ، ومقتضى التفريع على النداء وجوب المسارعة إلى ذكر الله بمجرد النداء ، ومعه يتعين إرادة الخطبة ، إذ لا ريب في عدم وجوب التسرّع إلى الصلاة نفسها ، لجواز التأخير والالتحاق بالإمام قبل رفع رأسه من الركوع بلا إشكال ، وحيث إن الحضور والإنصات للخطبة غير واجب إجماعاً فيكشف ذلك عن كون الأمر للاستحباب.
ويؤيده قوله تعالى ( ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) (٢) وقوله
__________________
(١) الجمعة ٦٢ : ١١.
(٢) الجمعة ٦٢ : ٩.