أن تزول ثم تحدث حمرة أُخرى من ناحية المغرب ، لا أن تلك الحمرة تبقى وتتعدى عن قمة الرأس إلى ناحيته كما هو صريح الرواية ، فليس شأنها شأن الشمس لدى الزوال ، حيث عرفت أنها ترتفع وتعلو حتى تتجاوز دائرة نصف النهار وبه يتحقق الزوال ، والتجربة خير دليل وأكبر برهان.
وثانياً : أنه إن أُريد من السقوط في قوله : « ... وسقط القرص » سقوطه عن النظر ، ودخوله تحت الأُفق الحسي ، فمن الواضح جدّاً تحقق ذلك قبل ذهاب الحمرة عن قمة الرأس بأكثر من عشر دقائق ، وإن أُريد به معنى آخر كدخوله تحت الأُفق الحقيقي فهو أمر مبهم غير بيّن ولا مبيّن وإحالة إلى أمر مجهول (١) كما لا يخفى.
ومنها : ما رواه الكليني بإسناده عن أبان بن تغلب قال : « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أيّ ساعة كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يوتر؟ فقال : على مثل مغيب الشمس إلى صلاة المغرب » (٢).
بتقريب دلالتها على أن ما بين غيبوبة الشمس إلى وقت صلاة المغرب فاصل زماني كان النبي صلىاللهعليهوآله يوتر في مقدار هذا الفصل مما قبل طلوع الفجر ، ومن البيّن أنه لا نظر في ذاك الفاصل إلا إلى تجاوز الحمرة عن قمة الرأس.
وفيه : مضافاً إلى ضعف السند بإسماعيل بن أبي سارة فإنه لم يوثق ، أنّ الدلالة إنما تستقيم لو كان التعبير هكذا : إلى وقت صلاة المغرب ، بدلاً عما هو المذكور فيها من « صلاة المغرب » ومن الواضح أنّ نفس الصلاة تتأخر عادة عن أول الوقت لأجل بعض المقدمات ، ولا أقل من الأذان والإقامة ، ولا سيما في انعقاد الجماعات لانتظار المأمومين (٣) فلا دلالة فيها على أن الوقت بنفسه
__________________
(١) لا جهالة فيه بعد أن جعل زوال الحمرة في الرواية طريقاً وكاشفاً عنه.
(٢) الوسائل ٤ : ١٧٤ / أبواب المواقيت ب ١٦ ح ٥ ، الكافي ٣ : ٤٤٨ / ٢٤.
(٣) هذا المقدار من التأخير يشمل عامة الصلوات ولا يختص بالمغرب ، فما هو وجه