الحمرة عن تمام ربع الفلك من القطب الجنوبي إلى القطب الشمالي من ناحية المشرق ، ومن البيّن أنّ أرباب القول الأشهر لا يعتبرون ذلك بل يكتفون بذهابها عن قمة الرأس. فهذه الرواية على تقدير تماميتها والغض عمّا في سندها من الضعف بالقاسم بن عروة تدل على ثالث الأقوال في المسألة ولا ربط لها بالقول الأشهر.
ومنها : ما رواه محمد بن علي قال : « صحبت الرضا عليهالسلام في السفر فرأيته يصلي المغرب إذا أقبلت الفحمة من المشرق يعني السواد » (١) فإن الفحمة إنما تقبل بتجاوز الحمرة عن قمة الرأس.
وفيه : مضافاً إلى ضعف السند إذ لا توثيق لمحمد بن علي ، وإلى أن فعله عليهالسلام لا يدل على التحديد لاحتمال التأخير لغاية أُخرى ولو من باب استحباب التمسية بالمغرب قليلاً كما ستعرف ، أن الدلالة قاصرة إذ الفحمة إنما تقبل (٢) عند سقوط القرص واستتاره كاقبال البياضة عند الطلوع ، فلدى غروب الشمس ترتفع الحمرة من نقطة المشرق تدريجاً ويتبعها السواد مباشرة كما يقضي به الحسّ والتجربة. إذن فالملازمة إنما هي بين إقبال الفحمة وبين الاستتار لا بينه وبين الزوال عن قمة الرأس كي تدل على القول الأشهر ، بل هي في الدلالة على القول المشهور أظهر حسبما عرفت.
ومنها : رواية شهاب بن عبد ربّه قال : « قال أبو عبد الله عليهالسلام : يا شهاب إني أُحب إذا صليت المغرب أن أرى في السماء كوكباً » (٣).
وفيه : مضافاً إلى ضعف سندها بمحمد بن حكيم (٤) وإلى أنّ المحبوبية تجتمع
__________________
(١) الوسائل ٤ : ١٧٥ / أبواب المواقيت ب ١٦ ح ٨.
(٢) يمكن ان يقال : إن الإقبال هو مجيء الشيء نحو الإنسان واقترابه منه ، واقتراب الفحمة إنما هو بصيرورتها فوق الرأس كما لا يخفى ، وعليه فالدلالة تامة.
(٣) الوسائل ٤ : ١٧٥ / أبواب المواقيت ب ١٦ ح ٩.
(٤) ولكنه قدسسره ذكر في المعجم ١٧ : ٣٦ / ١٠٦٤٧ أنّه ممدوح.