أو انتظر حتى تذهب الحمرة التي فوق الجبل؟ فكتب إلى : أرى لك أن تنتظر حتى تذهب الحمرة وتأخذ بالحائطة لدينك » (١) دلت على عدم كفاية الاستتار المفروض في السؤال ولزوم الانتظار حتى تزول الحمرة ، غير أنه عليهالسلام علله بالاحتياط لمراعاة التقية.
وفيه : أنه لم يفرض في السؤال تيقّن الراوي (٢) باستتار القرص ومواراته تحت الأُفق ، وإنما المفروض مواراته عن النظر ، ولعله يكون خلف الجبل ، بل إن قوله « وترتفع فوق الجبل حمرة » يكشف عن كونه شاكاً في ذلك كما لا يخفى.
وعليه ، فلا وجه لحمل التعليل على الاحتياط في الشبهة الحكمية ليلزم حمله على التقية من أجل امتناع إرادته من الامام العالم بالأحكام الواقعية ، بل هو ناظر إلى الاحتياط في الشبهة الموضوعية من أجل شك السائل في تحقق الغروب وعدمه كسائر الأوامر الاحتياطية الواردة في الشبهات الموضوعية. إذن فالرواية أظهر دلالة على المسلك المشهور من دلالتها على المسلك الأشهر.
وأما الطعن في السند باشتماله على سليمان بن داود المنقري الذي تعارض فيه توثيق النجاشي (٣) مع تضعيف ابن الغضائري (٤) ، فيردّه : عدم قدح التضعيف المزبور لعدم ثبوت الكتاب المنسوب إليه ، ومعه كان التوثيق سليماً عن المعارض ، فلا نقاش في السند ، والعمدة ضعف الدلالة كما عرفت.
ومنها : رواية جارود قال : « قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : يا جارود ينصحون فلا يقبلون ، وإذا سمعوا بشيء نادوا به ، أو حدّثوا بشيء أذاعوه ، قلت
__________________
(١) الوسائل ٤ : ١٧٦ / أبواب المواقيت ب ١٦ ح ١٤.
(٢) كيف لم يكن متيقناً وأمامه حجة شرعية وهي أذان المؤذنين العارفين بالوقت على مذهبهم. مضافاً إلى الحمرة المشرقية المرفوعة فوق الجبل الملازمة للاستتار ، ولا سيما مع التعبير بإقبال الليل مؤكداً ذلك بازدياده ارتفاعاً ، وبضميمة كون التعليل بالاحتياط للتقية تتم دلالة الرواية.
(٣) رجال النجاشي : ١٨٤ / ٤٨٨.
(٤) خلاصة الأقوال : ٣٥٢ / ١٣٨٨.