لي مسّوا بالمغرب قليلاً ، فان الشمس تغيب من عندكم قبل أن تغيب من عندنا » (١).
ويندفع : بأن مقتضى كرؤية الأرض اختلاف الطلوع والغروب حسب اختلاف البلاد والأصقاع ، فتغرب الشمس في بلد في ساعة ثم في آخر في ساعة أُخرى وهكذا ، بل هي لا تزال في طلوع وغروب ، ومن الضروري أن العبرة في كل بلد بطلوعه وغروبه ، سواء أتحقّق في بلد آخر أم لا. ومن ثم ورد : « وإنما عليك مشرقك ومغربك .. » (٢).
وعليه ، فلم يتضح وجه صحيح للأمر بالتأخير في هذه الصحيحة إلا الحمل بعد فرض اتحاد أُفق البلدين على غيبوبة الشمس في بلد الراوي واستتارها عن الأنظار قبل دخولها تحت الأُفق لمكان الجبال والأطلال ، فأمره عليهالسلام بالتأخير رعاية للاحتياط الناشئ من احتمال عدم تحقق الغروب واقعاً ، لا أنه قد تحقق ومع ذلك يأمر بالتأخير لمكان تجاوز الحمرة عن قمة الرأس كما هو المدعى ، هذا أوّلاً.
وثانياً : سلّمنا أن الأمر بالتأخير كان بعد تحقق الغروب ، لكن المأمور به لما كان هو التمسية قليلاً المحقق طبعاً قبل التجاوز عن قمة الرأس ، فهو محمول على الاستحباب بقرينة ما دل على دخول الوقت باستتار القرص وبرؤية الكوكب كما تقدم المتحققين قبل ذلك. على أن التمسية القليلة أمر متعارف لجريان العادة على الصلاة بعد المغرب بشيء ، إذ لا تؤدى الفريضة عند سقوط القرص غالباً (٣).
ومنها : رواية عبد الله بن وضاح قال : « كتبت إلى العبد الصالح عليهالسلام يتوارى القرص ويقبل الليل ثم يزيد الليل ارتفاعاً وتستتر عنا الشمس وترتفع فوق الجبل حمرة ويؤذّن عندنا المؤذّنون أفأُصلي حينئذ وأفطر إن كنت صائماً
__________________
(١) الوسائل ٤ : ١٧٦ / أبواب المواقيت ب ١٦ ح ١٣.
(٢) الوسائل ٤ : ١٩٨ / أبواب المواقيت ب ٢٠ ح ٢.
(٣) لكن هذا لا يختص ببلدهم دون بلده عليهالسلام وقد فرّق بينهما في الرواية.