وينبغي التنبيه على أُمور :
الأول : أن صاحب الوسائل بعد أن تعرّض لنصوص القول الأشهر حكم بترجيحها على نصوص القول الآخر بوجوه ، منها أنها أقرب إلى الاحتياط (١).
وفيه : ما لا يخفى ، فان المستفاد من الآية المباركة ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ) (٢) بضميمة ما ورد في تفسيرها ، هو أنّ كل جزء مما بين الحدين وقت لإحدى الصلوات الأربع ، فمن الدلوك إلى المغرب للظهرين ، ومنه إلى الغسق للعشاءين.
إذن فأول وقت المغرب هو آخر وقت الظهرين مقارناً مبدؤه لمنتهاه ومتصلاً به من غير فترة فاصلة. والظاهر أن هذا مما لا خلاف فيه ، بل في الرياض دعوى الإجماع عليه (٣).
وعليه فلو فسّرنا المغرب بزوال الحمرة عن قمة الرأس فنسأل عن أن الفترة المتخللة بينه وبين سقوط القرص الذي تستوعب أكثر من عشر دقائق هل يجوز إيقاع الظهرين فيها أو لا يجوز ، بل يكون حالها كما بين طلوع الشمس وزوالها الذي لا يكون وقتاً لشيء من الصلوات؟ فان قيل بالثاني كان ذلك مخالفاً لما عرفت من الاتصال ، وأن أحد الوقتين عقيب انتهاء الآخر بلا فصل ، وإن قيل بالأول فالخطب أفضع ، وكيف يصح القول بجواز إتيانهما في هذه الحالة والنصوص تنادي بانتهاء وقتهما بسقوط القرص وغيبوبة الشمس ، بل كيف يصح التوصيف بصلاة الظهر وقد دخل الليل وانتهى النهار بكامله.
وعلى الجملة : لازم القول الأشهر بعد ملاحظة الاتصال المزبور المفروغ عنه بينهم كما عرفت ، جواز إيقاع الظهرين بعد الغروب ، وهو مخالف للاحتياط جدّاً لو لم يكن مقطوع العدم ، فيكف يدعى أنه موافق له.
__________________
(١) الوسائل ٤ : ١٧٧.
(٢) الإسراء ١٧ : ٧٨.
(٣) الرياض ٣ : ٣٤.