العمل واستئنافه ، ولا يختص ذلك بما بعد الفراغ منه ، وقد ورد في الأخبار أن من تكلم في صلاته متعمداً فعليه الإعادة (١) ، فالحديث متكفل لتصحيح كل نقص في العمل المتقدم مما عدا الخمس سواء أكان في تمام العمل أم في بعضه ، إلا أن في المقام خصوصية من أجلها يمنع من الجريان ، وهي أن المستفاد من أدلة الترتيب لزوم رعايته في تمام أجزاء اللاحقة ، فالعشاء بتمام أجزائها مترتبة على المغرب ، وكذلك العصر على الظهر ، كما هو ظاهر قوله عليهالسلام : « إلا أن هذه قبل هذه » (٢) لا أنه مقصور على الشروع وملحوظ في المجموع (٣) فحسب.
وعليه ، فكما أن الأجزاء الصادرة قبل التذكر يعتبر فيها الترتيب فكذلك الأجزاء اللاحقة ، ومن البيّن أن الحديث إنما يتكفل لتصحيح الأجزاء السابقة فإنها التي خلت عن الترتيب سهواً دون اللاحقة للإخلال به فيها عامداً فكيف يشملها الحديث ، فإن شأنه تصحيح ما أتى به من العمل الناقص لا تجويز الإتيان بالعمل الناقص وكم بينهما من فرق.
ونظير المقام : ما لو التفت في الأثناء إلى عدم كونه متستراً للعورة في الأجزاء السابقة مع عدم كونه متستراً لها بالفعل أيضاً ، فإن الأجزاء المتقدمة هب إنا صححناها بالحديث ، أما اللاحقة التي يخل به فيها عامداً فلا مبرر لها ، إذن فلا مناص من رفع اليد واستئناف الصلاة.
الصورة الرابعة : ما إذا كان في الوقت المختص وكان التذكر بعد الفراغ ، كما لو صلى العصر في الآن الأول من الزوال غافلاً عن الظهر أو معتقداً أنه أتى بها أو شرع في العشاء قبل دخول وقت المغرب وبعد الإتيان بركعة منها دخل الوقت بحيث وقع ثلاث ركعات منها في الوقت المختص بالمغرب ، فعلى المسلك المشهور في تفسير وقت الاختصاص من عدم صلاحيته لغير صاحبة الوقت ،
__________________
(١) الوسائل ٧ : ٢٨١ / أبواب قواطع الصلاة ب ٢٥.
(٢) الوسائل ٤ : ١٢٦ / أبواب المواقيت ب ٤ ح ٥ ، ٢٠ ، ٢١.
(٣) [ هذا عطف تفسيري لا يخلو عن مسامحة ، والصحيح هو التعبير الأوّل ، راجع تعليقنا في الصفحة ٤٠٠ ].