وهي من حيث السند خالية عن الخدش فان الكاهلي ممدوح ، وباعتبار وقوعه في أسناد كامل الزيارات موثوق ، كما أنها من حيث الدلالة ظاهرة ، بل لعلها أحسن رواية دلت على التفريق ، بل وعدم كفاية الفصل بالنافلة.
بيد أنها معارضة بنصوص معتبرة تضمنت نفي البأس عن الجمع وأنه لا تمنعك إلا سبحتك ، فاذا تنفّل للعصر كما هو مفروض الرواية لم تكن ثمة أيّ مرجوحية ، وقد تقدم (١) أن التحديد بالقدم أو القدمين أو الذراع والذراعين إنما هو لأجل النافلة ، ولولاها لكان الإتيان بصلاة العصر بعد الظهر مباشرة هو الأفضل كما في يوم الجمعة أو حال السفر ، وقد ورد أنّ وقت صلاة العصر يوم الجمعة هو وقت الظهر في سائر الأيام (٢).
هذا مع إمكان الخدش في دلالة الروايَة على استحباب الفصل أو كراهة الجمع ، لابتنائها على ورودها لبيان الحكم الشرعي الكلي وليس كذلك ، فان ظاهر قوله : « ولكن أكره لك ... » إلخ اختصاص الكراهة بشخص زرارة ، ولعله من أجل شدة اختصاصه بالإمام وكونه من أكابر أصحابه ، بل من خواصه وبطانته ، فإنه لو اتخذ ذلك وقتاً لنفسه المستلزم طبعاً لغيابه عن حضور جماعة القوم لعرفوا تخلفه عنهم وربما استتبع اللوم والعتاب ، بل وإساءة الأدب حتى إلى ساحة الإمام عليهالسلام فرعاية للتقية نهاه عن الإدامة ، فلا تدل على الكراهة إلا على سبيل الدوام فضلاً عن الكراهة لجميع الأنام. والعمدة ما عرفت من المعارضة.
ومنها : رواية معاوية ( معبد ) بن ميسرة قال : « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام إذا زالت الشمس في طول النهار للرجل أن يصلي الظهر والعصر ، قال : نعم ، وما أُحب أن يفعل ذلك كل يوم » (٣).
__________________
(١) في ص ١٥٦.
(٢) الوسائل ٧ : ٣١٦ / أبواب صلاة الجمعة ب ٨ ح ٣.
(٣) الوسائل ٤ : ١٢٨ / أبواب المواقيت ب ٤ ح ١٥.