ولكنها مخدوشة سنداً لجهالة طريق الصدوق إلى جميل المزبور (١) ، فإنه غير مذكور في المشيخة ، ودلالة لأنها أخص من المدعى لاختصاص موردها بالإمام ، بل مقتضى مفهوم القضية الشرطية المذكورة في كلام الامام عليهالسلام نفي الاستحباب عن المأموم ، وبذلك يرتكب التقييد لو صح السند فيما لو دل دليل بإطلاقه على استحباب التأخير لانتظار الجماعة بالرغم من عدم جريان صناعة الإطلاق والتقييد في باب المستحبات كما لا يخفى.
فالأحرى الرجوع إلى ما تقتضيه القاعدة ، ومقتضاها التفصيل بين التأخير عن أول وقت الفضيلة ، وبين التأخير عن أصل وقتها بانتظار خروجه ودخول وقت الإجزاء.
ففي الصورة الأُولى : ينبغي الصبر والانتظار ، فان فيه جمعاً بين درك فضيلتي الوقت والجماعة ، بل قد جرت عليه السيرة القطعية المستمرة من زمن المعصومين عليهمالسلام ، فإنها قائمة على التأخير شيئاً ما عن أول وقت الفضيلة لحضور الامام واجتماع المأمومين ، فإن طبيعة الحال تستوجب هذا المقدار من الانتظار رعاية لحال العموم.
ولا ينافيه الاهتمام البليغ والحث الأكيد الوارد في التعجيل والتسريع في إقامة الصلاة أول وقتها ، إذ ليس هو بأكثر مما ورد من الاهتمام بإقامة الجماعة ولا سيما مع التعبير في بعضها عن تاركها بالفاسق ، ولعل السيرة المزبورة خير شاهد على ترجيح الثاني لدى المزاحمة.
ومنه تعرف ترجيح الجماعة ولو استلزم نوعاً من التأخير على المبادرة إلى الفرادى أول وقت الإجزاء لاتحاد المناط.
وأما في الصورة الثانية : فالأمر بالعكس ، فترجح فضيلة الوقت على فضيلة الجماعة ، لما ورد من الاهتمام الكثير في رعايتها ، بل التعبير بالتضييع عن
__________________
(١) ولكن يمكن استكشافه باعتبار أن الشيخ روى كتابه بطريق صحيح وفي الطريق ابن الوليد. والصدوق يروي جميع مرويات ابن الوليد عنه كما يظهر من ترجمة ابن الوليد في الفهرست [ راجع معجم رجال الحديث ١٦ : ٢١٩ / ١٠٤٩٠ ].