إلا أن يريد قدسسره بذلك انتهاء وقت فضيلة صلاة الليل أو هي مع الشفع بانتهاء الفجر الأول حتى يكون ما بين الفجرين مختصاً بصلاة الوتر ، لما في غير واحد من الأخبار من استحباب الإتيان في هذا الوقت ، فما عليه المشهور هو المتعيّن.
وكيف ما كان ، فالتحديد المزبور بناءً على ما هو المشهور من انتهاء الليل بطلوع الفجر وأنه اسم لما بينه وبين غروب الشمس ، وأنّ ما بين الطلوعين ملحق بالنهار أو أنّه لا من الليل ولا من النهار ، واضح لا غبار عليه ، ولا يحتاج إلى تجشم الاستدلال ، ضرورة انتفاء الموضوع بانتهاء الليل ، فلا مجال لتوهم أنّ ما بعده وقت لصلاة الليل.
وأما بناءً على ما هو الصواب من إلحاقه بالليل وأنه اسم لما بين غروب الشمس وطلوعها على ما سبق في محله فالحكم بانتهاء الوقت بطلوع الفجر يحتاج إلى إقامة الدليل ، لفرض بقاء الليل إلى طلوع الشمس.
ويدلنا عليه مضافاً إلى التسالم ، والإجماع القطعي حيث لم ينقل عن أحد امتداد الوقت إلى طلوع الشمس : جملة من الروايات التي نطقت بانتهاء الوقت وصيرورتها قضاء بعد طلوع الفجر ، عمدتها صحيحة جميل بن دراج قال : « سألت أبا الحسن الأول عليهالسلام عن قضاء صلاة الليل بعد الفجر إلى طلوع الشمس ، فقال : نعم وبعد العصر إلى الليل فهو من سرّ آل محمد المخزون » (١).
حيث قرّر عليهالسلام ما كان مركوزاً في ذهن السائل من القضاء بعد طلوع الفجر ، وبما أنّ المخالفين لا يرون ذلك ، وَصّفَه بأنّه من سرّ آل محمد المخزون ، فالدلالة تامة كالسند ، إذ المراد بإبراهيم الواقع فيه هو إبراهيم بن هاشم ، بقرينة الراوي والمروي عنه ، وهو ثقة على الأظهر لوقوعه في أسناد
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٢٧٣ / أبواب المواقيت ب ٥٦ ح ١.