ومنها : من يصلّي في الليالي القصار كالصيف.
وقد دلت على جواز التقديم حينئذ صحيحة ليث المرادي قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الصلاة في الصيف في الليالي القصار ، صلاة الليل في أول الليل ، فقال : نَعَم ، نِعم ما رأيت ، ونِعم ما صنعت يعني في السفر .. » إلخ (١).
وهي من حيث الدلالة واضحة كالسند ، لولا تذييلها بقوله : « يعني في السفر » فإنه بعد وضوح عدم كونه من كلام الامام عليهالسلام نفسه وإلا لعبّر بقوله : أعني بدل « يعني » مردد بين أن يكون من كلام الراوي أعني المرادي فينقل لنا أن مراد الامام عليهالسلام هو ذلك كما نقل بقية الرواية ، فيكون الحكم حينئذ مقيداً بالسفر لا محالة ، وبين أن يكون من كلام الصدوق نفسه ومن اجتهاده ورائه حيث قد جرت عادته على تفسير بعض ألفاظ الرواية أو التعليق عليها بمثابة يتخيل أنه جزء منها.
ولعلّ الأظهر هو الثاني ولا سيما بملاحظة ما يرتأيه من اختصاص الحكم بالمسافر فقيّد الرواية حسب اجتهاده واستفادته من الروايات الأُخر.
وعليه فالمتبع إطلاق الرواية ، ولا عبرة بتفسير الصدوق واجتهاده.
نعم ، مع التردد وعدم ترجيح أحد الاحتمالين فلا جرم تصبح الرواية مجملة ، لاحتفافها بما يصلح للقرينية فلا يمكن التمسك بها ، إلا أن هذا الإجمال خاص برواية الصدوق ولا يكاد يسري إلى رواية الشيخ الخالية عن هذا الذيل ، فلا مانع من الاستدلال بها.
وقد روى صاحب الوسائل هذه الرواية عنه بإسناده عن صفوان عن ابن مسكان عن ليث (٢) والمراد به هو صفوان بن يحيى الثقة ، فإنه الراوي عن ابن مسكان وطريق الشيخ إليه صحيح دون صفوان بن مهران الجمال ، بل الظاهر
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٢٤٩ / أبواب المواقيت ب ٤٤ ح ١.
(٢) الوسائل ٤ : ٢٥٣ / أبواب المواقيت ب ٤٤ ح ١٦. التهذيب ٢ : ١٦٨ / ٦٦٨.