لجهالة طريق الشهيد إلى كتاب ابن أبي قرّة كجهالة طريق الرجل إلى ابن سيابة ، مضافاً إلى ضعف كل من الرجلين في نفسه.
وكيف ما كان ، فلا ريب في جواز التقديم للمسافر في الجملة ، وإنما الكلام في أمرين :
أحدهما : في أنّ الترخيص في التقديم المزبور هل هو ثابت على سبيل الإطلاق ، أو أنه مقيّد بخوف الفوات في آخر الليل؟
ثانيهما : في أنه هل هو على سبيل الاتساع في الوقت فتقع الصلاة في وقتها وتتصف بالأداء ، أو أنها من باب التعجيل فيؤتى بها في غير وقتها المقرر لها بترخيص من الشارع كالقضاء ، غاية الأمر أن القضاء صلاة بعد الوقت ، والتقديم صلاة قبله ، نظير تقديم نافلتي الظهرين على الزوال يوم الجمعة ، فلا بد وأن يؤتى بها بنية التعجيل والتقديم دون الأداء.
أما الأمر الأول : فالروايات المزبورة وإن كان بعضها مطلقة ، ولكن صحيحتي الحلبي وابن أبي نجران مقيدتان بالخوف على سبيل القضية الشرطية التي مقتضى مفهومها نفي التشريع مع فقد الخوف ، فهما مع المطلقات متخالفان من حيث النفي والإثبات ولو بمعونة الدلالة الالتزامية المفهومية ، ومعه لم يكن بدّ من إعمال صناعة الإطلاق والتقييد ، فإنها وإن لم تكن جارية في باب المستحبات ، بل يحمل المقيد فيها على أفضل الأفراد ، إلا أن ذلك مختص بالمثبتين كالأمر بقراءة القرآن والأمر بقراءته متطهراً ، ولا يشمل المتخالفين كالمقام على ما هو محرّر في محله ، إذن فلا يسوغ التقديم إلا مع خوف الفوات أو صعوبة النهوض بعد الانتصاف لعلة أو برد ونحوهما.
وأما الأمر الثاني : فالسيد الماتن وإن ذكر أنه ينبغي نيّة التعجيل لا الأداء ، لكنه غير واضح ، فان ظاهر موثقة سماعة المتقدمة بل صريحها اتساع الوقت وأنه يبتدئ مما بعد العتمة إلى أن ينفجر الصبح. إذن فالأصح الإتيان بها بنية الأداء.