قليلاً أو كثيراً ، وربما لا يأتي بها أصلاً نسياناً أو عصياناً ، ومقتضى التحديد المزبور اختلاف الوقت وعدم انضباطه ، بل عدم دخوله لدى تركها العمدي أو السهوي ، وهذا شيء لا يمكن الالتزام به كما لا يخفى ، فلا جرم تحمل الموثقة على الأفضلية حذراً عن التطوع في وقت الفريضة.
وإن شئت قلت : إن الموثقة تشير إلى ما تقتضيه طبيعة المصلي من تقديم الفريضة على النافلة لا إلى تحديد الوقت كي تدل على عدم الجواز قبل العتمة ، لما عرفته من عدم الانضباط.
هذا بناء على قراءة قوله : « من حين تُصلّي العتمة » بصيغة المبني للمعلوم ليكون خطاباً لسماعة.
وأما بناءً على أن تكون بصيغة المبني للمجهول ، فالأمر أوضح ، لدلالتها حينئذ على دخول وقت النافلة من حين دخول الوقت المقرر للعتمة في الشريعة المقدسة لا الوقت الذي يؤتى بها خارجاً المنطبق طبعاً على أوّل الليل ، فيتحد مفادها حينئذ مع سائر النصوص ، ولا يكون ثمة أيّ تناف لنحتاج إلى ارتكاب التقييد كما أُفيد.
نعم ، في رواية علي بن جعفر قال : « سألته عن الرجل يتخوّف أن لا يقوم من الليل ، أيصلي صلاة الليل إذا انصرف من العشاء الآخرة ، وهل يجزيه ذلك أم عليه قضاء؟ قال : لا صلاة حتى يذهب الثلث الأول من الليل ، والقضاء بالنهار أفضل من تلك الساعة » (١) ، حيث إن ظاهرها عدم مشروعية التقديم قبل الثلث ، بل ظاهر « لا » النافية للجنس في قوله : « لا صلاة » نفي الحقيقة المساوق للفساد.
وفيه : مضافاً إلى ضعف سندها بعبد الله بن الحسن ، أنّ الاستدلال مبني على أن تكون الإشارة في قوله : « تلك الساعة » ناظرة إلى ما بعد الثلث ، ليكون ظهور الجملة الاولى في نفي الحقيقة قبل الثلث باقياً على حاله.
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٢٥٧ / أبواب المواقيت ب ٤٥ ح ٨.