التوسعة كما سبق ، فلو كانت ناظرة إليها لكان مفادها أفضلية القضاء من الأداء التي عرفت ما فيها.
والمتحصل مما تقدّم : أنّ التقديم في الموارد المذكورة لم يكن على نهج واحد ، بل في بعضها من باب التوسعة وفي بعضها الآخر من باب التعجيل حسبما عرفت.
بقي شيء : وهو أن مبدأ التقديم سواء كان على سبيل التوسعة أم التعجيل هل هو من أوّل الليل أو بعد الإتيان بفريضة العشاء؟ ظاهر الروايات المتضمنة للتعبير بأوّل الليل كصحاح الحلبي والمرادي وابن ابي نجران ومحمد بن حمران وغيرها هو الأوّل ، هذا مع الغض عن المزاحمة لوقت الفريضة والجمود على ظواهر النصوص.
وأما بملاحظتها ، فان بنينا على حرمة التطوع في وقت الفريضة فلا مناص من ارتكاب التقييد والالتزام بعدم جواز الإتيان بالنافلة قبل الفراغ من العشاءين جمعاً بين الدليلين ، وإن كان الوقت في حد ذاته صالحاً لها.
وإن بنينا على الجواز مع الكراهة ساغ الإتيان بها قبل ذلك وإن كان التأخير أرجح ، هذا.
ولكن المحقق الهمداني قدسسره ذهب إلى أنّ الوقت إنما هو بعد العتمة على التقديرين ، استناداً إلى موثقة سماعة بن مهران « أنه سأل أبا الحسن الأوّل عليهالسلام عن وقت صلاة الليل في السفر ، فقال : من حين تصلي العتمة إلى أن ينفجر الصبح » (١) وقد ادعى قدسسره أن ذلك هو المنساق من سائر الأخبار أيضاً كالفتاوى ، وعلى تقدير الإطلاق فلتحمل على الموثقة جمعاً (٢).
وفيه : أنّ وقت العتمة لا انضباط له ، بل يختلف باختلاف حالات المكلفين ، بل اختلاف الأحوال في شخص واحد ، فربما يقدّم كما في الجماعات وربما يؤخّر
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٢٥١ / أبواب المواقيت ب ٤٤ ح ٥.
(٢) مصباح الفقيه ( الصلاة ) : ٥١ السطر ١٢.