ارتكاب التقييد بعد البناء على ثبوت المفهوم بالمعنى المزبور ، من غير فرق بين الأحكام الإلزامية وغيرها ، لوحدة المناط وهو ما عرفت من لزوم اللغوية وحصول التنافي بينهما بالنفي والإثبات ، وتمام الكلام في محله.
ثم إنا لو تنازلنا وسلمنا عدم التقييد وبنينا على ثبوت الحكم لمطلق المعذور وإن لم يكن مسافراً فهل ذاك من باب التوسعة أو من باب التعجيل؟
لا دلالة في صحيحة أبي بصير المتقدمة على شيء من الأمرين ، ولكن المستفاد من النصوص الدالة على أفضلية القضاء من التقديم بنطاق عام كصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهالسلام قال : « قلت : الرجل من أمره القيام بالليل تمضي عليه الليلة والليلتان والثلاث لا يقوم ، فيقضي أحبّ إليك أم يعجّل الوتر أول الليل؟ قال : لا ، بل يقضي وإن كان ثلاثين ليلة » (١).
وصحيحة معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليهالسلام حيث ورد في ذيلها « ... وقال : القضاء بالنهار أفضل » (٢) ، أنه في المقام من باب التعجيل ، ضرورة أنه لو كان من باب التوسعة لكان مقتضاها أنّ القضاء أفضل من الأداء ، وهو كما ترى.
بل يمكن الاستدلال بنفس هذه الروايات على جواز التقديم في المقام أيضاً ، إذ الأفضلية لدى الدوران بين القضاء والتقديم بنفسها تقتضي ذلك ، وإلا لكان القضاء هو المتعيّن لا أنه أفضل.
ودعوى : أنّ هذه الروايات ناظرة إلى الموارد الخاصة التي قام الدليل فيها على جواز التقديم كالمسافر وخائف الجنابة والجارية والليالي القصار فلا يمكن الاستدلال بها على جواز التقديم لمطلق المعذور.
مدفوعة : بأن التقديم في تلك الموارد ما عدا الجارية إنما هو من باب
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٢٥٦ / أبواب المواقيت ب ٤٥ ح ٥.
(٢) الوسائل ٤ : ٢٥٥ / أبواب المواقيت ب ٤٥ ح ١.