بزيادة التقييد بالسفر وإليك نصّها : « قال : إن خشيت أن لا تقوم في آخر الليل أو كانت بك علة أو أصابك برد فصلّ وأوتر في أول الليل في السفر » (١) ومن المستبعد جدّاً صدور الرواية عن الصادق عليهالسلام مرتين : مطلقة تارةً ومقيدة اخرى ، بل الظاهر أنهما رواية واحدة رواها الحلبي مقيّدة بالسفر ، وأبو بصير مطلقة ، وحيث لم يعلم الصادر منهما فلم تثبت الرواية المطلقة ليستدل بها.
وأما ثانياً : سلّمنا أنهما روايتان وقد صدرتا مرتين ، إلا أنه لا بد حينئذ من ارتكاب صناعة التقييد بحمل المطلق منهما على المقيد ، لما ذكرناه في الأُصول (٢) من أن الوصف وإن لم يكن له مفهوم بالمعنى المصطلح فلا يدل على العلية المنحصرة على حذو القضية الشرطية ، ومن ثم لا مانع من ثبوت الحكم في مورد قيد آخر أيضاً إذا ساعده الدليل ، إلا أنه لم يكن بدّ من الالتزام بكشفه عن عدم كون موضوع الحكم هي الطبيعة المجردة على إطلاقها وسريانها ، وإلا لأصبح ذكر القيد في نفس الرواية أو في رواية أُخرى منفصلة من اللغو الواضح الذي يصان عنه كلام الحكيم ، فلا جرم يحمل المطلق منهما على المقيد.
ودعوى عدم جريان هذا الحمل في باب المستحبات مدفوعة باختصاصه بما إذا ورد التقييد على متعلق الحكم كالأمر بقراءة القرآن في دليل والأمر بقراءته مع الطهارة أو إلى القبلة في دليل آخر ، فإنه حيث لا إلزام في البين ولم يكونا متنافيين يحمل على أفضل الأفراد على خلاف باب الواجبات لحصول التنافي فيها كما لا يخفى.
وأما إذا ورد التقييد على الحكم نفسه فتعلق بالهيئة لا بالمادة كما في المقام حيث إن نفس الترخيص في التقديم مقيّد بالسفر فلا مناص حينئذ من
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٢٥٠ / أبواب المواقيت ب ٤٤ ح ٢. الفقيه ١ : ٢٨٩ / ١٣١٥.
(٢) محاضرات في أُصول الفقه ٥ : ١٣٣.