فيمكن الجمع بين الطائفتين الأولتين بحمل المجوّزة على صورة الانتباه بعد طلوع الفجر ، والمانعة على من انتبه قبله ، وتجعل الطائفة الثالثة شاهدة لهذا الجمع.
وإن شئت قلت : إن الطائفة الثالثة تخصص الثانية المانعة ويكون مفادها بعد التخصيص عدم جواز البدأة بالنافلة فيما لو انتبه قبل الفجر ، وحينئذ تنقلب النسبة بينها وبين الطائفة الأُولى المجوّزة من التباين إلى العموم والخصوص المطلق ، فتخصصها وتحمل الاولى على من انتبه بعد طلوع الفجر ، ويكون المقام من صغريات انقلاب النسبة من التباين إلى العموم المطلق ، وبذلك يجمع بين الأخبار ويلتزم بتقديم النافلة في خصوص من انتبه بعد طلوع الفجر. وهذا التقرير يجري بعينه في صلاة الوتر ، فإنها أيضاً مورد لطوائف ثلاث من الأخبار ، لاحظ صحيحة إسماعيل بن سعد (١) ، وصحيحة إسماعيل بن جابر (٢) ، وصحيحة سليمان بن خالد المتقدمة فيجري فيها ما مرّ حرفاً بحرف ، هذا.
وقد يقال : إنّ الطائفة الثالثة الشاهدة للجمع بنفسها مبتلاة بالمعارض في موردها وهو روايتان :
إحداهما : ما رواه الشيخ بإسناده عن المفضل بن عمر قال : « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أقوم وأنا أشك إلى أن قال وإذا أنت قمت وقد طلع الفجر فابدأ بالفريضة ولا تصل غيرها ... » إلخ (٣) حيث تضمنت النهي عن النافلة في من انتبه من النوم بعد طلوع الفجر.
وفيه أوّلاً : أنها ضعيفة السند ، لا لأجل علي بن الحكم الواقع فيه بدعوى تردده بين الموثق وغيره ، لما ذكرناه في محله (٤) من اتحاد المسمّين بهذا الاسم من
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٢٦١ / أبواب المواقيت ب ٤٨ ح ٢.
(٢) الوسائل ٤ : ٢٥٩ / أبواب المواقيت ب ٤٦ ح ٦.
(٣) الوسائل ٤ : ٢٦٢ / أبواب المواقيت ب ٤٨ ح ٤.
(٤) معجم رجال الحديث ١٢ : ٤٢٥.