وأما في غيره من الأعذار فالأقوى وجوب التأخير وعدم جواز البدار (١).
______________________________________________________
ولكنا قدّمنا في محله أنّ جواز البدار وإن كان مطابقاً لمقتضى القاعدة في كافة الأعذار ولكنه غير سائغ في خصوص هذا المورد ، أعني العاجز عن الماء المحتمل لزوال العذر للنصوص الخاصة الناطقة بلزوم الانتظار ، وقد تقدمت في مبحث التيمم من كتاب الطهارة (١) وعليه فالتأخير هو المتعيّن لا أنه أفضل.
(١) نظراً إلى أن المسوّغ للانتقال إلى الصلاة الاضطرارية إنما هو العذر المستوعب لتمام الوقت ، إذ المأمور به في الصلاة الاختيارية هو الطبيعي الجامع المحدود فيما بين المبدأ والمنتهى ، فمع القدرة على فرد من الأفراد الطولية والعرضية من ذاك الجامع لا ينتقل إلى البدل ، وإنما ينتقل مع إحراز العجز عن الكل ، إذن فمع الشك ورجاء الزوال لم يحرز العجز عن الطبيعي ، فلا جرم يجب الانتظار لاستعلام الحال وإحراز موضوع الانتقال ، فان زال العذر أتى بالصلاة الاختيارية وإلا فبالعذرية ، وإنما ساغ البدار في المتيمم لما يراه قدسسره من دلالة النص عليه.
ولكنه يندفع : بأن هذا التقرير إنما يتجه بلحاظ الحكم الواقعي ، وأما في مرحلة الظاهر فلا مانع من إحراز الاستيعاب باستصحاب استمرار العذر إلى آخر الوقت ، بناءً على ما هو الصواب من جريانه في الأُمور الاستقبالية كالحالية فيسوغ له البدار استناداً إلى هذا الأصل ، غاية الأمر أنه لما كان حكماً ظاهرياً والأحكام الظاهرية بأسرها يكون الإجزاء فيها منوطاً بعدم انكشاف الخلاف ، فان استبان له ارتفاع العذر أعاد ، وإلا كان ما أتى به مجزئاً وذاك أمر آخر.
ومنه تعرف أنّ مقتضى القاعدة جواز البدار في كافة الأعذار ما عدا التيمم على العكس مما أفاده قدسسره فان النص قد دل فيه على عدمه لا على جوازه كما زعمه ، وتمام الكلام في محله.
__________________
(١) شرح العروة : ١٠ : ٣٢٤.