ويندفع أوّلاً : بضعف السند ، لجهالة طريق ابن إدريس إلى كتاب حريز بعد وضوح أنه من أصحاب الصادق عليهالسلام وبينه وبين ابن إدريس مئات السنين فكيف يمكن نقله عنه بلا واسطة ، وحيث أنها مجهولة فلا جرم تسقط الرواية بالنسبة إلينا عن درجة الاعتبار ، وإن أمكن اتصافها عنده بالصحة لقرائن حدسية عوّل عليها وهو أدرى بها.
ودعوى : أنه لمّا لم يكن عاملاً بأخبار الآحاد فاعتماده عليها كاشف عن وصولها إليه بطريق متواتر أو بما هو كالمتواتر في كونه مورثاً للقطع بالصدور ، ومعه كان إخباره بمثابة الإخبار عن الحس ، فتكون رواياته عن حريز وأضرابه في حكم المسانيد لا المراسيل.
مدفوعة : بأنّ أقصى ما يترتب على هذه الدعوى هو أن ابن إدريس كان معتقداً اعتقاداً باتاً بأنّ ما وصل إليه باسم كتاب حريز كان هو كتابه حقاً ، لكن من الواضح أنّ اعتقاده حجّة له بخصوصه ولا ينفع غيره ممن لا يحمل تلك العقيدة فهو المأمور بالعمل به لا غير ، ومن الضروري أنّ مجرد قطعه بذلك الناشئ عن القرائن الحدسية الاجتهادية لا يستوجب عدّ خبره من الإخبار عن الحس لتشمله أدلة حجية الخبر. إذن فلا مجال للاعتماد على شيء مما يرويه ابن إدريس عن الرواة الذين لا نعلم الوسائط بينه وبينهم.
أجل ، خصوص ما يرويه عن كتاب محمد بن علي بن محبوب لم يكن بدّ من الالتزام باعتباره ، نظراً إلى تصريحه بوصول الكتاب إليه بخط الشيخ الطوسي قدسسره (١) ، وحيث إنّ العهد بينه وبين الشيخ قريب وهو من أكابر العلماء وأعاظم المشاهير ، بل هو شيخ الطائفة حقاً ، فلا جرم كان خطه الشريف معروفاً ومشهوراً بين الناس ، بحيث لا مساغ لإنكاره أو التشكيك فيه.
وبذلك يوثق بل يطمأن بأنّ الكتاب قد وصل إليه بخط الشيخ ( قدسسره )
__________________
(١) السرائر ( المستطرفات ) ٣ : ٦٠١.