تقدير الإقامة فلم يعلم اشتراطها بالاذن ونصب شخص لها بالخصوص ، فلا طريق لنا إلى استكشاف الحال واستعلام الوضع في ذلك العصر.
وأما زمن مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام فهو وإن كان ينصب الولاة والقضاة في أقطار البلاد ، وبطبيعة الحال كانوا هم المقيمين للجمعات إلا أنهم كانوا منصوبين لعامة الأُمور وكافة الشؤون ، وكان تصدّيهم للجمعة من مقتضيات مقامهم حسب ما يقتضيه التعارف الخارجي ، لا أنهم كانوا منصوبين بالخصوص لهذا الشأن ، وبين الأمرين بون بعيد.
وأما في عصر سائر المعصومين عليهمالسلام فلم يثبت منهم النصب رأساً ولا في مورد واحد ، بل قد ثبت منهم الإذن على سبيل الإطلاق من دون تعيين شخص خاص كما تفصح عنه الأخبار المرخّصة لإقامتها في القرى إذا كان فيهم من يخطب لهم وغيرها (١) فدعوى استقرار السيرة مع عدم ثبوت النصب حتى في مورد واحد من غرائب الكلام.
الثالث : الأخبار الدالة على سقوط الصلاة عمّن بَعُد عن محل إقامتها بأزيد من فرسخين التي تقدمت الإشارة إليها (٢) فان المراد بها بيان حكم سكنة القرى والبلدان البعيدة عن البلد الذي تقام فيه الجمعة ، دون المسافرين وعابري السبيل ، للمقابلة بين العنوانين في تلك الأخبار وغيرها كما لا يخفى.
ومن الواضح أنه لا وجه لسقوط الوجوب المساوق لعدم المشروعية إلا اشتراط كون المقيم لها هو إمام الأصل أو نائبه الخاص غير المتحقق في تلك المحالّ ، وإلا فلولا هذا الاشتراط وكانت مشروعة على الإطلاق كان عليهم الاجتماع وإقامتها في أماكنهم ، إذ الغالب حصول سائر الشرائط من العدد ووجود مَن يخطب لهم ، ولا أقل من أداء مسمى الخطبة وأقل الواجب منها
__________________
(١) الوسائل ٧ : ٣٠٦ / أبواب صلاة الجمعة ب ٣.
(٢) في ص ٢٥.