ولكن يندفع بأنها رواية نبوية أرسلها المفيد (١) ولم ترد في كتب الحديث ، فلا يمكن التعويل عليها كما لا يحتمل استناد المشهور إليها.
وأما الجهة الثانية : وهي أنّه على تقدير تمامية المقتضي وتسليم دلالة النصوص المتقدمة على المنع عن التطوع فلا مناص من رفع اليد عنها وحملها على الكراهة بالمعنى المناسب للعبادة ، أعني أقلّية الثواب ، أو على الإرشاد إلى ما هو الأفضل من درك فضيلة الوقت ، وأهمية مصلحته من مصلحة التنفل من غير نقص في ثوابه ، فيكون النهي إرشادياً عرضيا لا ذاتياً ، وذلك جمعاً بينها وبين نصوص أُخر دلت على الجواز :
منها : موثقة سماعة قال : « سألته ( سألت أبا عبد الله عليهالسلام ) عن الرجل يأتي المسجد وقد صلى أهله ، أيبتدئ بالمكتوبة أو يتطوع؟ فقال : إن كان في وقت حسن فلا بأس بالتطوع قبل الفريضة ، وإن كان خاف الفوت من أجل ما مضى من الوقت فليبدأ بالفريضة وهو حق الله ثم ليتطوع ما شاء ألا هو ( الأمر ) موسّع أن يصلي الإنسان في أول دخول وقت الفريضة النوافل إلا أن يخاف فوت الفريضة ، والفضل إذا صلى الإنسان وحده أن يبدأ بالفريضة إذا دخل وقتها ليكون فضل أول الوقت للفريضة ، وليس بمحظور عليه أن يصلي النوافل من أول الوقت إلى قريب من آخر الوقت » (٢).
فإن إتيان المسجد إنما هو لإدراك الجماعة ، والمتعارف انعقادها في أول الوقت ، وعليه فقوله : « وإن كان خاف الفوت ... » إلخ ناظر إلى خوف فوات وقت الفضيلة ، وإلا فوقت الإجزاء لا يخاف فوته عند فراغ أهل المسجد عن الجماعة. إذن فهي صريحة في جواز التطوع في وقت فضيلة الفريضة ما لم يخف فواته.
__________________
(١) المستدرك ٣ : ١٦٠ / أبواب المواقيت ب ٤٦ ح ٢ ، رسالة في عدم سهو النبي : ٢٨.
(٢) الوسائل ٤ : ٢٢٦ / أبواب المواقيت ب ٣٥ ح ١.