ودعوى أن الصدوق (١) رواها إلى قوله : « ثم ليتطوع ما شاء » وهذا قد يورث الظن بأن الباقي زيادة من الكليني نفسه ولم يكن جزءاً من الرواية ، فلا تصلح للاستدلال.
مدفوعة بأن التصرف في الحديث بضم ما ليس منه من غير نصب قرينة تدل عليه خيانة في النقل تجلّ عنها ساحة شيخنا الكليني المقدسة ، بل من دونه في الورع والأمانة ، ولا شهادة في اقتصار الصدوق على ما ذكر ، لجواز كون الواصل إليه أقل ، بعد مغايرة طريقه مع طريق الكليني وكثرة التقطيع في الأخبار ، فهذا الاحتمال ساقط جزماً.
أضف إلى ذلك : أن الشيخ (٢) رواها مع هذا الذيل باختلاف يسير عن شيخ الكليني محمد بن يحيى ، ومعه كيف يحتمل أن يكون ذلك من كلام الكليني نفسه ، فلا ينبغي التأمل في كونه جزءاً من الحديث.
وعلى الجملة : دلّت الموثقة على جواز التنفل في أوقات الفرائض ، أي في نفس الوقت الذي يصح الإتيان فيه بالفريضة ، فإنّ المراد من الوقت في قوله : « الأمر موسّع أن يصلي الإنسان في أول دخول وقت الفريضة النوافل .. » إلخ هو المراد منه في قوله : « أن يبدأ بالفريضة إذا دخل وقتها » فهي صريحة في أنه لا تحديد في وقت النافلة وأن المكلف موسّع في الإتيان بها من أول الوقت إلى قريب من آخره من غير فرق بين وقت الفضيلة وغيره ، غير أن الأفضل أن يؤتى بالفريضة أوّل وقتها كي يكون فضل أول الوقت لها ، إلا ما خرج بالنص كتقديم نوافل الظهرين.
ومع ذلك فقد ناقش فيها صاحب الحدائق واستظهر منها خلاف ذلك ، ففسّر الوقت في العبارة الأُولى وكذلك في قوله في آخر الموثقة : « من أول الوقت إلى قريب من آخره » بالوقت المحدود للنافلة قبل دخول وقت الفريضة ،
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٥٧ / ١١٦٥ ، الكافي ٣ : ٢٨٨ / ٣.
(٢) التهذيب ٢ : ٢٦٤ / ١٠٥١.