ففرّق بين الوقتين وشوّش بذلك معنى الرواية ، ليستنتج ما زعمه من منع دلالتها على جواز التطوع في وقت الفريضة ، وبذلك خرج عن أُسلوب الكلام وأخلّ بنظم العبارة مع ظهورها فيما قرّبناه حسبما عرفت ، فراجع تمام كلامه (١) لتقف على مدى ضعفه وصدق ما ادعيناه.
وعليه فلو ضممنا هذه الموثقة مع النصوص المتقدمة المانعة عن التطوع في وقت الفريضة ، كان مقتضى الجمع العرفي الحمل على الكراهة ، أو الإرشاد إلى ما هو الأفضل من غير حزازة في التنفل نفسه ، برفع اليد عن ظهور إحداهما بصراحة الأُخرى كما سبق.
وما عن صاحب الحدائق من إنكار هذا الجمع وعدم كونه عرفياً ، نظراً إلى أن الأمر حقيقة في الوجوب مجاز في غيره ، كما أن النهي حقيقة في التحريم مجاز في غيره فلا سبيل لحملهما على غيرهما.
كما ترى ، فان باب المجاز على تقدير تسليمه واسع مع نصب القرينة ، والعبرة بظهور الكلام ، ومقتضاه بعد ضم أحد الدليلين إلى الآخر ما عرفت ، وهو من أجلى مصاديق الجمع العرفي المقبول كما لا يخفى.
ومنها : صحيحة محمد بن مسلم قال : « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إذا دخل وقت الفريضة أتنفّل أو أبدأ بالفريضة؟ قال : إن الفضل أن تبدأ بالفريضة وإنما أخّرت الظهر ذراعاً من عند الزوال من أجل صلاة الأوّابين » (٢).
فإنها صريحة في جواز التطوع في وقت الفريضة ، بيد أنّ البدأة بالفريضة أفضل ، إلا في الظهرين فان المتعيّن فيهما تقديم النافلة بذراع أو ذراعين حسبما تقدم في محلّه (٣).
وما عن صاحب الحدائق من تفسير الفضل بالمشروعية ، وأنّ تخصيصه
__________________
(١) الحدائق ٦ : ٢٦٣.
(٢) الوسائل ٤ : ٢٣٠ / أبواب المواقيت ب ٣٦ ح ٢ ، ٣.
(٣) في ص ٢٣٨.